عظيمة .. يامصر
(إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا ٱللَّهَ ۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ). ( الآية 18 – التوبة).
زيارة اليوم إلى أفخر مساجد المماليك الجراكسة.
زيارة إلى مسجد السلطان السجين والذى يقع داخل أسوار القاهرة الفاطمية .
زيارة إلى مسجد ( السلطان المؤيد شيخ ) .
- من هو السلطان المؤيد شيخ ؟
هو السلطان المؤيد أبي النصر سيف الدين شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري، أحد حكام الدولة المملوكية خلال عصر المماليك الجراكسة، وكان قبل أن يعتلي كرسي السلطنة أحد أمراء السلطان الظاهر سيف الدين برقوق .. قدم من الشام إلى القاهرة وعمره 12 عاما، وكان ذكيا جميل الصورة فعينه السلطان فرج بن برقوق في الحرس السلطاني ثم جعله أميرا للحج ثم نائبا للشام.
-حكاية أنه كان سجين .
فبعدما أصبح برقوق حاكماً أعتق المؤيد شيخ، وقرر تعيينه فى الحرس السلطانى وأرسله للشام لإخماد حركة تمرد هناك، فعاد إليها فارساً مغواراً بعدما خرج منها عبداً مملوكاً، وعندما عاد إلى مصر منتصراً .. وقعت فتنة غيرّت التاريخ، حيث نزل الأمير "منطاش" من الشام بجند كثيف ليخلع السلطان برقوق، ويلقى القبض على المؤيد، باعتباره أحد أهم رجاله، ويأمر بسجنه فى "خزانة شمائل"، أحد أبشع سجون القاهرة فى ذلك الوقت، والذى لقى فيه صنوف التعذيب، لذا نذر إن خرج من هذا السجن فسوف يحوله إلى مسجد، وبعد فترة قصيرة استطاع "برقوق" التغلب على "منطاش" وإعدامه على باب زويلة، وخرج المؤيد من السجن إلى الحكم ووفى بالنذر.
-قمت بزيارات متعددة للمسجد عندما كنت مديراً عاماً لترميم الأثار الإسلامية والقبطية وفى كل مرة كان إنبهارى بعظمة العمارة الإسلامية والزخارف الدقيقة لدرجة أن حوائط المسجد مكسية من شرائط رخامية ملونة والإنبهار أن هذه الشرائط الرخامية مطعمة بقطع هندسية من الصدف بمنتهى الدقة .. ببساطة المسجد
يتكون من صحن مكشوف في وسطه ميضأة .. وحوله أربعة أروقة ويعتبر رواق القبلة هو أكبرها، والباب الرئيسي ارتفاعه شاهق مكسو بالرخام الملون والمقرنصات، وتقوم مئذنتا الجامع فوق برجي باب زويلة الملاصق"، ويقال : كلنت توجد مأذنة ثالثة ولكنها إنهارت.
أما مناراتا المسجد، فقد استفاد مهندس المسجد من وجود باب زويلة ملاصقا بالجامع فاتخذ منه قاعدتين لمنارتين، وهما رشيقتان، لكل منهما ثلاث دورات أو طوابق
ويزين المسجد عدة قطع فنية رائعة الجمال، فمن أجمل هذه القطع الفنية :-
1- الباب الخشبي المطعم بالنحاس وقد تم نقله من مسجد السلطان حسن عند بناء الجامع.
2- المحراب المغطى بالرخام الملون ( قمة الإبداع الفنى )
3- المسجد له قبة حجرية مزخرفة من الخارج بأشكال هندسية بديعة، وشبابيك رواق القبلة مصنوعة من الزجاج الملون تعطى ألوانا جميلة صافية بمجدر سقوط الشمس عليها تطبع ظلها على أرضية المسجد.
4- منبر خشبي دقيق الصنع مطعم بالحشوات العاجية، ودكة المبلغ - أي الدكة التي يصعد عليها المبلغ الذي يردد أذان المؤذن .. فهي مصنوعة من الرخام ومكتوب فوقها نص أنشىء الجامع باسم (السلطان المؤيد).
5- ملحق بالمسجد ضريح مدفون فيه السلطان المؤيد وابنه الأكبر بالإضافة إلى ضريح آخر مخصص للسيدات، تعلوه قبة مصفوف عليها صفوف من المقرنصات
- في عهد الخديوي إسماعيل جددت وزارة الأوقاف وجهات المسجد الثلاث المتهدمة القبلية والبحرية والغربية في المدة من سنة 1870م إلى 1874م.
وفي سنة 1881م عاينت لجنة حفظ الآثار العربية المسجد فوجدته متداعياً وقد فقد إيواناته عدا صَفّي عمد بالإيوان الشرقي كانا على وشك السقوط، ورخام الجدار الشرقي للمحراب مشوه، والقبة بحاجة إلى إصلاح، والمنارتان جزؤهما العلوي مفقود، فقامت اللجنة منذ ذلك التاريخ بالحفاظ على البقايا الأثرية، وأزالت الدكاكين التي كانت بالوجهة الشرقية، وقومت العمد وركبت عمد جديدة، وأصلحت سقفي الرواقين وكذلك المدخل والباب الرئيسي، كما أصلحت دكة المبلغ، وكملت المنارتين، وأنشأت الرواق الثالث المشرف على الصحن، كما عملت قبة الوضوء بالصحن وأصلحت المنبر وأبواب القبة، وفي حديقة المسجد لوحة تاريخية تشير إلى تعميره سنة 1302هـ/1884م في عهد الخديوي توفيق.
فى مايو 2000 بدأت وزارة الثقافة متمثلة بالمجلس الأعلى للآثار، عملية ترميم شاملة للمسجد كلفت بها شركة وادي النيل للمقاولات. . بأعمال الترميم ومنها إزالة العقود الخرسانية التي تمت إقامتها داخل المسجد بالمخالفة للأصول الأثرية السليمة، وإعادة إنشاء الإيوانات الثلاثة المتهدمة بنفس شكل وطريقة بناء إيوان القبلة الشرقي، لتزداد بذلك مساحة المكان المخصص للصلاة.
-وفي عام 2016 اكتملت عملية ترميم لمنبر المسجد وجدار القبلة كانت قد بدأت في عام 2012 على مراحل، واشتملت عملية ترميم المنبر على إعادة قطع حشوات أصلية حاول أحد اللصوص سرقتها وأمسك به الأهالي وسلموه للشرطة، واستعين بقطع أخشاب جديدة من نفس النوع لتعويض بعض القطع التي كانت حالتها سيئة وشبه مدمرة نتيجة السرقة، وتم تنظيف المنبر كله وحقن بعض الأجزاء فيه وإصلاح أخطاء قديمة في الترميم السابق للمنبر، كما تمت إعادة إظهار وتنظيف جدار المنبر والقبلة وما به من زخارف ورسوم، وإعادة نحت شباكين من الجبس كانا ضمن 7 شبابيك من المسجد تضررت بشدة بسبب انفجار مديرية أمن القاهرة.
- أخير خضع المسجد لعملية ترميم شاملة بتمويل من مؤسسة الأغاخان فى مصر .. والمسجد تحفة تستحق الزيارة .
نقل وإعداد لحق المعرفة وإستمراراً للتعرف على أحد كنوزنا الإسلامية المعمارية والتى تقع بشارع السكرية فالمسجد على يمين الداخل من باب زويلة أو ممكن الدخول إليه من شارع الأزهر فالغوربة الى آخرها يمينآ المسجد.
فاروق شرف