تقارير استخباراتية أمريكية: بوتين متمسك بأهدافه في أوكرانيا ووقف إطلاق النار موضع شك

كشفت تقارير استخباراتية أمريكية سرية، نقلتها صحيفة واشنطن بوست، عن استمرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سعيه للهيمنة على أوكرانيا، رغم الجهود الدبلوماسية المبذولة لإنهاء الحرب. وأشارت التقارير، التي قُدمت إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى أن بوتين لم يُظهر أي بوادر على التخلي عن طموحاته الإقليمية، مما يثير تساؤلات حول جدوى وقف إطلاق النار المقترح.
وفقًا لمصدر مطلع على تقرير استخباراتي صدر في 6 مارس، لا يزال بوتين مصممًا على السيطرة على أوكرانيا، معتبرًا أنها جزء من "روسيا الكبرى". وبحسب الصحيفة، فإن هذه التقارير لا تهدف إلى تقييم دبلوماسية ترامب أو اقتراحه لوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، لكنها تُبرز التحديات التي تواجه البيت الأبيض في فهم نوايا بوتين الحقيقية.
ورغم أن بوتين لم يرفض بشكل قاطع اقتراح وقف إطلاق النار، إلا أنه ألمح إلى إمكانية فرض شروط على أي اتفاق. كما أن التقدم العسكري الروسي في مقاطعة كورسك، الذي يهدف إلى تعزيز الموقف التفاوضي لموسكو، يعزز الشكوك بشأن نوايا الكرملين.
قلق أمريكي من استغلال الهدنة
حذر مسؤولون أمريكيون من أن بوتين قد يستخدم أي وقف لإطلاق النار لإعادة تنظيم قواته والاستعداد لجولة جديدة من القتال، مؤكدين أن الزعيم الروسي قد يسعى إلى استفزازات تُحمل أوكرانيا مسؤوليتها لإفشال الاتفاق. وفي حين أن بعض التقارير أشارت إلى احتمال قبول بوتين لشروط سلام معينة، إلا أن موقفه الأساسي لم يتغير: ضم أوكرانيا إلى فلك روسيا الأمني والاقتصادي.
وقال يوجين رومر، المسؤول الاستخباراتي الأمريكي السابق، إن الأزمة الحالية ليست مجرد حرب قصيرة الأمد، بل مواجهة طويلة الأمد بين روسيا وأوروبا، مشددًا على أن التوصل إلى هدنة أو اتفاق سلام لن يكون نهاية القصة.
بحسب واشنطن بوست، فإن بعض المسؤولين داخل إدارة ترامب قلقون من أن البيت الأبيض قد يبالغ في تقدير استعداد بوتين للسلام. في الوقت نفسه، لوّح ترامب بإمكانية فرض عقوبات جديدة وصارمة على روسيا إذا لم تستجب لإنهاء الحرب، قائلًا إن هذه العقوبات "قد تكون مدمرة".
ويبدو أن إدارة ترامب تراهن على أن الضغط العسكري والاقتصادي يمكن أن يدفع موسكو إلى التفاوض، إلا أن المصادر تشير إلى أن الكرملين يرى في ترامب زعيمًا ضعيفًا يمكن التلاعب به، مما يعقد الجهود الدبلوماسية الأمريكية.
خطوة محفوفة بالمخاطر
تم التوصل إلى اقتراح وقف إطلاق النار خلال محادثات أمريكية أوكرانية في السعودية، وينص على تجميد القتال لمدة 30 يومًا على طول 1800 ميل من خطوط المواجهة. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لإعادة ضبط العلاقات بين واشنطن وكييف، خاصة بعد التوتر الذي نشأ عقب قرار ترامب تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
ورغم أن واشنطن وافقت على استئناف المساعدات بعد إبرام الاتفاق، فإن مستقبل الهدنة لا يزال غير مؤكد. فقد أصر بوتين على الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها روسيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم وأربع مقاطعات شرقية، مما يجعل أي تسوية إقليمية أمرًا معقدًا.
استمرار الطموحات الروسية
يُقدر أن روسيا فقدت أكثر من 95 ألف جندي في الحرب، إضافة إلى إصابة وجرح ما يقارب 500 ألف آخرين. ورغم هذه الخسائر، لا يبدو أن بوتين مستعد لتقديم تنازلات جوهرية. وتشير التقارير إلى أن الكرملين قد يلجأ إلى "وسائل هجينة" مثل الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية، إضافة إلى تعزيز نفوذه داخل أوكرانيا، لضمان بقائها ضمن دائرة التأثير الروسي.
السيناريوهات المحتملة
تصعيد عسكري روسي: قد تستخدم موسكو وقف إطلاق النار كفرصة لإعادة تنظيم قواتها والاستعداد لجولة أخرى من القتال.
ضغوط دبلوماسية أمريكية: يمكن لترامب أن يصعد من العقوبات ضد روسيا، لكن مدى تأثيرها يبقى محل تساؤل.
مأزق تفاوضي: مع إصرار بوتين على مطالبه، قد تواجه محادثات السلام عقبات كبيرة، مما يعيد النزاع إلى نقطة الصفر.