اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

جدل حول الإعلان الدستوري في سوريا.. مخاوف من إعادة إنتاج الاستبداد

توقيع الإعلان الدستوري
محمود المصري -

أثار الإعلان الدستوري الجديد الذي أقرّته الإدارة السورية الانتقالية موجة انتقادات واسعة، حيث اعتبره مجلس سوريا الديمقراطية محاولة لإعادة إنتاج الحكم المركزي بصيغة جديدة، بينما أشادت به الحكومة الانتقالية باعتباره خطوة نحو الاستقرار السياسي.
رفض قاطع من مجلس سوريا الديمقراطية
أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، في بيان رسمي اليوم الجمعة، رفضه التام للإعلان الدستوري، مشدداً على أنه "يكرّس الحكم المركزي ويُعيد إنتاج الاستبداد تحت غطاء المرحلة الانتقالية".
وأشار المجلس إلى أن الإعلان الدستوري يمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، ويُقيّد العمل السياسي، مما يُفاقم الأزمة الوطنية ويُعطل مسار التحول الديمقراطي، محذراً من أن غياب آليات واضحة للعدالة الانتقالية قد يزيد من تعقيد المشهد السياسي بدلاً من حله.
وأكد المجلس أن أي إعلان دستوري يجب أن يكون نتاج توافق وطني حقيقي وليس مشروعاً مفروضاً من طرف واحد، مشدداً على ضرورة إعادة صياغته لضمان عدالة توزيع السلطة، وحرية العمل السياسي، والاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، واعتماد نظام حكم لا مركزي ديمقراطي.
انتقادات من الإدارة الذاتية الكردية
من جانبها، انتقدت الإدارة الذاتية الكردية الإعلان الدستوري، معتبرة أنه يتجاهل التنوع السوري ويفرض نموذج حكم شبيه بفترة حزب البعث.
وقالت الإدارة، في بيان أصدرته أمس الخميس، إن الإعلان "لا يمثل تطلعات الشعب السوري، ويتجاهل الهويات المختلفة في البلاد"، كما أن "بنوده تشبه السياسات القمعية التي اتبعها حزب البعث لعقود".
وأضاف البيان أن المسودة الجديدة تقوّض جهود تحقيق ديمقراطية حقيقية، وتحصر السلطة التنفيذية بيد الرئيس، مما يعيد إنتاج نموذج الحكم الشمولي بدلاً من التأسيس لنظام سياسي أكثر شمولية".
كما حذرت الإدارة الذاتية من أن العودة إلى مثل هذه الممارسات قد تعيد الأزمة السورية إلى نقطة الصفر، مما يُطيل أمد الصراع وعدم الاستقرار في البلاد.
الشرع يدافع عن الإعلان الدستوري
في المقابل، دافع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عن الإعلان الدستوري، واصفاً إياه بأنه "يؤسس لتاريخ جديد في سوريا".
وأوضح الشرع أن الإعلان يحدد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، يتم خلالها إعادة هيكلة مؤسسات الدولة، مؤكداً أن حصر السلطة التنفيذية بيد الرئيس خلال هذه الفترة يهدف إلى ضمان سرعة اتخاذ القرارات ومواجهة أي تحديات قد تطرأ.
وأكدت لجنة صياغة الإعلان الدستوري، التي أشرفت على وضع المسودة، أن هذه الترتيبات تهدف إلى منع أي اضطرابات أو فراغ سياسي خلال المرحلة الانتقالية.
مخاوف من إعادة إنتاج الاستبداد
يرى مراقبون أن الإعلان الدستوري يُعيد تركيز السلطة بيد الرئيس، ما يُثير مخاوف بشأن إعادة إنتاج الحكم الاستبدادي بصيغة مختلفة، حيث تُمنح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة دون وجود ضمانات كافية لعملية انتقال ديمقراطي حقيقي.
ويشير المحللون إلى أن استبعاد مكونات رئيسية من المشهد السياسي، مثل الأكراد والفصائل المعارضة، قد يؤدي إلى عرقلة أي جهود لتحقيق الاستقرار، مما يهدد بعودة الجمود السياسي والتصعيد المتكرر.
كما أن إغفال الإعلان لمسألة العدالة الانتقالية، وعدم تحديده آليات واضحة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات السابقة، يثير قلقاً من أن يتحول إلى أداة للحفاظ على الوضع القائم بدلاً من أن يكون خطوة نحو حل مستدام.
مع استمرار الجدل حول الإعلان الدستوري، يبقى السؤال: هل ستُجري الإدارة السورية الانتقالية تعديلات جوهرية لاستيعاب مطالب مختلف القوى السياسية، أم أن البلاد تتجه نحو مرحلة جديدة من الصراع على صياغة مستقبل الحكم فيها؟.