اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

بريطانيا تعزز صادراتها الدفاعية بالقروض وسط ضغوط ترامب على الحلفاء الأوروبيين

رئيس وزراء بريطانيا
محمود المصري -

أعلنت الحكومة البريطانية، الجمعة، عن تقديم قروض تصل إلى ملياري جنيه إسترليني (2.6 مليار دولار) لدعم حلفائها في شراء معدات دفاعية بريطانية، في خطوة تهدف إلى تعزيز صناعة الدفاع البريطانية، وسط ضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حلفاء الناتو لزيادة إنفاقهم العسكري.
رفع سقف التمويل لدعم الصناعات الدفاعية البريطانية
أكدت وزارة الخزانة البريطانية أن مؤسسة تمويل الصادرات البريطانية ستزيد سعة الإقراض المباشر من 8 مليارات إلى 10 مليارات جنيه إسترليني، مع توجيه الأموال الإضافية لتمويل صادرات الصواريخ والطائرات والمركبات المدرعة المصنعة في بريطانيا.
وفي هذا السياق، قالت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، خلال زيارتها إلى اسكتلندا للإعلان عن هذه الخطوة:
"زيادة سعة الإقراض تعكس استراتيجيتنا الصناعية الدفاعية، ما يعزز صناعة الدفاع وسلاسل التوريد لدينا، ويخلق فرص عمل، ويدفع عجلة النمو في جميع أنحاء بريطانيا".
وتأتي هذه الخطوة بعد أن تعهدت الحكومة البريطانية بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، معتبرة ذلك ضرورة ملحة في ظل تصاعد التهديدات العالمية، خصوصاً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
الاتحاد الأوروبي يناقش زيادة الاستثمار الدفاعي
في سياق متصل، اقترحت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي جمع 150 مليار يورو لدعم الاستثمار في الصناعات العسكرية الأوروبية. وبينما حظيت الفكرة بدعم سياسي واسع، لا تزال المناقشات جارية حول آلية تنفيذها، خصوصاً بشأن إمكانية توجيه التمويل لشراء معدات دفاعية من خارج التكتل الأوروبي.
وخلال قمة الاتحاد الأوروبي، الخميس الماضي، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز إلى إبقاء المبادرة مفتوحة أمام دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل بريطانيا، النرويج، سويسرا، وتركيا، مشيراً إلى ضرورة إشراك الحلفاء المقربين.
لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المعروف بدعمه لاستقلالية أوروبا الدفاعية، أبدى تحفظه قائلاً:
"الإنفاق لا ينبغي أن يكون على معدات غير أوروبية مرة أخرى".
كما شدد على أن الحل الوحيد لسد الفجوات في القدرات الدفاعية الأوروبية، مثل الدفاع الجوي، والاستطلاع الاستخباراتي، والهجمات بعيدة المدى، هو "الاعتماد على الشركات الأوروبية أولاً".
ضغوط ترامب لرفع الإنفاق الدفاعي الأوروبي
تأتي هذه التطورات وسط ضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طالب حلفاء الناتو الأوروبيين برفع إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من الحد الأدنى الحالي البالغ 2%، محذراً من أن الولايات المتحدة قد تقلل من التزاماتها الدفاعية إذا لم يلتزم الحلفاء بذلك.
خلافات أوروبية بشأن التمويل الدفاعي
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات داخلية حول كيفية تمويل المبادرة الدفاعية البالغة 150 مليار يورو، إذ يخشى بعض الدبلوماسيين الأوروبيين من أن الخلافات حول تخصيص الأموال قد تؤدي إلى تأخير تنفيذ الخطة، كما حدث مع برنامج صناعة الدفاع الأوروبية الذي بلغت قيمته 1.5 مليار يورو واستغرق أكثر من عام للوصول إلى توافق بشأنه.
بريطانيا تعزز نفوذها وسط التنافس الأوروبي
مع سعي الاتحاد الأوروبي لتطوير قدراته العسكرية بشكل مستقل، تسعى بريطانيا إلى تعزيز نفوذها في قطاع الدفاع العالمي، عبر تقديم حوافز مالية لحلفائها لشراء منتجاتها العسكرية. ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز الصناعات الدفاعية البريطانية في مواجهة المنافسة الأوروبية المتزايدة، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
سباق التسلح في أوروبا يدخل مرحلة جديدة
بينما تتسابق القوى الأوروبية لتعزيز استثماراتها الدفاعية، يبدو أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي يتبعان نهجين مختلفين؛ حيث تركز بريطانيا على توسيع صادراتها الدفاعية عبر حوافز مالية، في حين يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز استقلاليته العسكرية عبر توجيه الاستثمارات داخلياً.
ومع استمرار الضغوط الأمريكية لزيادة الإنفاق العسكري، فإن الأشهر المقبلة ستكشف ما إذا كانت أوروبا قادرة على توحيد جهودها الدفاعية، أم أن الخلافات الداخلية ستؤدي إلى إبطاء تنفيذ خططها الطموحة.