اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

فشل المنظمة الدولية.. تزايد فضائح الاعتداء الجنسي في بعثات الأمم المتحدة

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش
محمود المصري -

كشف تقرير حديث للأمم المتحدة عن تجاوز عدد ادعاءات الاعتداء والاستغلال الجنسي في بعثات حفظ السلام والبعثات السياسية حاجز المائة حالة خلال عام 2024، وهي المرة الثالثة التي يحدث فيها ذلك خلال العقد الأخير. وتشير هذه الأرقام إلى مشكلة متجذرة داخل المنظومة الأممية، خصوصًا في المناطق التي تنتشر فيها بعثات حفظ السلام.
وفقًا للتقرير، استحوذت بعثتان لحفظ السلام على 82% من مجموع 102 ادعاءً، حيث تم تسجيل 44 حالة في الكونغو الديمقراطية و40 حالة في جمهورية أفريقيا الوسطى. وقد تضمنت الادعاءات اغتصاب نساء وأطفال، وانتهاكات أخرى تتعلق بالاستغلال الجنسي، مما زاد من الانتقادات الموجهة إلى الأمم المتحدة بشأن عدم قدرتها على ضبط سلوك قواتها المنتشرة في مناطق النزاع.

رغم أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جعل مكافحة الاعتداءات الجنسية أولوية قصوى منذ توليه منصبه عام 2017، وعمل على تشديد سياسات "عدم التسامح مطلقًا" تجاه هذه الانتهاكات، إلا أن التقارير الأخيرة تكشف عن استمرار الأزمة دون حلول جذرية.
أظهر استطلاع داخلي أجرته الأمم المتحدة عام 2024 أن 3.65% من الموظفين (236 شخصًا) يرون أنه من المقبول دفع المال مقابل ممارسة الجنس، بينما قال ما يقرب من 1% (555 شخصًا) إنه "من المقبول ممارسة الجنس مع طفل". هذه النتائج الصادمة تعكس فجوة أخلاقية وثقافية داخل بعض قطاعات المنظمة، وتثير تساؤلات حول جدوى برامج التوعية والتدريب.

أزمة ثقة متزايدة داخل الأمم المتحدة
التقرير كشف أيضًا عن تدهور ثقة العاملين في الأمم المتحدة بقيادة المنظمة. فقد أعرب 6% من المشاركين في الاستطلاع (3700 موظف) عن عدم ثقتهم بقدرة القادة على معالجة الاستغلال والاعتداءات الجنسية، وهي نسبة تضاعفت مقارنة بعام 2023، ما يشير إلى تصاعد الإحباط داخل المؤسسة الأممية نفسها.
منذ عام 2006، تم تسجيل 750 دعوى إثبات أبوة ودعم للأطفال الناتجين عن الاعتداءات الجنسية لقوات حفظ السلام، لكن أكثر من 500 قضية لا تزال دون حل. ويرجع ذلك إلى أن إحالة هذه القضايا إلى الدول الأم للجنود المتورطين غالبًا ما ينتهي دون اتخاذ أي إجراءات فعلية، مما يترك الضحايا وأطفالهم في حالة من التهميش القانوني والاجتماعي.
في هذا السياق، طالب غوتيريش الدول الأعضاء بـ اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم، ومنح الأطفال حقوقهم القانونية، بما في ذلك الحصول على الجنسية. كما تعهد بدراسة سبل جديدة لمساءلة كبار مسؤولي الأمم المتحدة شخصيًا في حالات التقاعس عن التعامل مع قضايا الاستغلال الجنسي.
تعكس هذه الأرقام والتقارير أزمة متجددة تواجه الأمم المتحدة في تعاملها مع السلوك غير الأخلاقي داخل بعثاتها. ورغم الجهود المبذولة، إلا أن غياب المساءلة الفعلية وتجاهل الدول الأعضاء لمسؤولياتها القانونية يعيقان تحقيق تقدم حقيقي في هذا الملف. ومع استمرار الضغوط.