تحالفات عسكرية وقدرات قتالية.. واشنطن تعزز استراتيجيتها لاحتواء الصين

أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أن الولايات المتحدة تتبنى استراتيجية واضحة لردع النفوذ الصيني المتنامي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وذلك من خلال تعزيز تحالفاتها العسكرية وبناء قدرات قتالية موثوقة. هذه التصريحات تعكس تحولًا استراتيجيًا مستمرًا في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، حيث تسعى واشنطن إلى الحفاظ على التوازن الجيوسياسي ومنع أي تحركات قد تؤدي إلى اختلال في ميزان القوى.
استراتيجية السلام من خلال القوة
شدد هيجسيث في كلمته، التي ألقاها في مركز آسيا والمحيط الهادئ للدراسات الأمنية، على أن المهمة الأساسية للولايات المتحدة ليست السعي إلى الحرب، بل ردعها، مع التأكيد على الجاهزية التامة لمواجهة أي تهديد عسكري محتمل. هذه الاستراتيجية تأتي ضمن مبدأ "السلام من خلال القوة"، الذي يقوم على تعزيز الوجود العسكري الأمريكي وتطوير التحالفات الأمنية، مما يعزز قدرة واشنطن على فرض الاستقرار الإقليمي.
جولات دبلوماسية
أشار هيجسيث إلى أن جولته الحالية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تشمل الفلبين واليابان، تمثل خطوة أولى ضمن سلسلة من الزيارات المستقبلية الهادفة إلى توطيد العلاقات مع الشركاء الإقليميين. هذا التحرك يعكس الأهمية المتزايدة التي توليها الإدارة الأمريكية لهذه المنطقة، خاصة في ظل تصاعد التوترات مع الصين بشأن قضايا مثل بحر الصين الجنوبي وتايوان.
أكد الوزير الأمريكي أن رؤية الرئيس دونالد ترامب لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ كفضاء حر ومفتوح لا تزال قائمة، حيث تقوم هذه الرؤية على دعم سيادة الدول واستقلالها الاقتصادي والسياسي، في إطار نظام دولي قائم على القواعد.
وتعتبر هذه السياسة جزءًا من الجهود الأمريكية لاحتواء النفوذ الصيني، من خلال تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية بين دول المنطقة والولايات المتحدة.
تعزيز القدرات العسكرية: أولوية في الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية
في إطار سعي واشنطن إلى الحفاظ على تفوقها العسكري، أوضح هيجسيث أن الولايات المتحدة تعمل على إعادة بناء قواتها المسلحة من خلال تحسين أداء وزارة الدفاع وتطوير الصناعات الدفاعية. وأشار إلى أن معدلات التجنيد العسكري وصلت إلى مستويات تاريخية، ما يعزز جاهزية الجيش الأمريكي لمواجهة التحديات المستقبلية.
كما لفت إلى أن هناك فرصًا كبيرة أمام الصناعات الدفاعية الأمريكية للتوسع، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية ستواصل الضغط من أجل تسريع عمليات الإنتاج والتسليم، ليس فقط للقوات الأمريكية، ولكن أيضًا لحلفائها وشركائها. ويعكس هذا التوجه إدراك واشنطن لأهمية تزويد الدول الصديقة بتكنولوجيا دفاعية متطورة لتمكينها من التصدي للتهديدات الإقليمية.
تأثير التصريحات على المشهد الجيوسياسي
تأتي تصريحات هيجسيث في وقت تتزايد فيه التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز تحالفاتها لمواجهة ما تعتبره سياسات توسعية من قبل الصين. ومن المحتمل أن تؤدي هذه السياسة إلى مزيد من التوتر بين واشنطن وبكين، خاصة أن الصين ترى في التحركات الأمريكية محاولة لتقويض نفوذها الإقليمي.
تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق توازن دقيق بين الردع العسكري والتعاون الدبلوماسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وبينما تؤكد إدارة بايدن (ورؤية ترامب السابقة) التزامها بتحقيق الاستقرار من خلال القوة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح واشنطن في الحفاظ على تحالفاتها وتعزيز نفوذها دون أن تنجر إلى مواجهة مباشرة مع الصين؟.