اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

اجتماع دفاعي حاسم في بروكسل.. أوروبا تتصدر دعم أوكرانيا وسط تراجع الدور الأمريكي

الحرب الروسية الأوكرانية
محمود المصري -

في لحظة فارقة من الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، اجتمع وزراء دفاع نحو 50 دولة في العاصمة البلجيكية بروكسل اليوم الجمعة، ضمن إطار "مجموعة الاتصال بشأن أوكرانيا"، التي كانت الولايات المتحدة تتصدر قيادتها سابقًا، قبل أن تتراجع إدارتها الجديدة عن هذا الدور.
ويحمل الاجتماع دلالة سياسية وعسكرية كبيرة، إذ يأتي في وقت يتصاعد فيه القلق الدولي من احتمال تدهور قدرات الجيش الأوكراني ميدانيًا خلال الأشهر القادمة، ما لم يتم الإسراع بتقديم دعم عسكري نوعي ومستدام.
تحوّل في القيادة.. وتراجع أمريكي
لأول مرة منذ تأسيس ما يعرف بـ"مجموعة رامشتاين"، والتي قادتها واشنطن منذ اندلاع الحرب، انتقلت رئاسة الاجتماع إلى وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس ونظيره البريطاني جون هيلي. هذا التحول يعكس انسحاباً واضحاً للولايات المتحدة من موقع القيادة، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تتبنى مقاربة جديدة تقوم على الدفع نحو تسوية سياسية سريعة بين كييف وموسكو، وهو ما يثير حفيظة بعض الحلفاء الأوروبيين الذين يخشون أن يتم ذلك على حساب سيادة أوكرانيا.


أوكرانيا تطلب المزيد.. والوقت ينفد


من جانبه، قدم وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف إحاطة أمام المجتمعين حول تطورات المعارك الميدانية، مشددًا على أن بلاده بحاجة ماسة إلى معدات دفاعية محددة، لتمكينها من الصمود في وجه الهجوم الروسي المستمر. مصادر عسكرية حذرت في هذا السياق من أن كييف قد تجد نفسها في وضع عسكري حرج بحلول نهاية الصيف إذا لم تُضاعف الدول الحليفة دعمها العسكري بشكل فوري.


بريطانيا وألمانيا تقودان زمام المبادرة


في هذا الإطار، أعلنت بريطانيا عن حزمة دعم عسكري جديدة تبلغ قيمتها 450 مليون جنيه إسترليني (نحو 584 مليون دولار)، منها 350 مليونًا من تمويل بريطاني مباشر، إلى جانب مساهمات من النرويج عبر "الصندوق الدولي لأوكرانيا". الدعم سيُقدَّم من خلال شركات بريطانية وأوكرانية لتزويد القوات الأوكرانية بالأسلحة والمعدات اللازمة، في محاولة لسد الفجوة التي خلّفها تراجع الدعم الأمريكي.


سياق استراتيجي معقد


هذا التحول في ديناميكية الدعم الغربي يأتي في لحظة حرجة، مع تفاقم الضغوط الداخلية على بعض الحكومات الأوروبية، وتصاعد الأصوات في الغرب التي تدعو إلى إنهاء الحرب عبر تسوية سريعة، مقابل تيار موازٍ يرى أن أي هدنة غير مدروسة قد تمنح موسكو فرصة لترسيخ مكاسبها الميدانية وفرض أمر واقع جديد.


الاجتماع الحالي في بروكسل ليس مجرد محطة تنسيقية، بل يمثل منعطفًا استراتيجيًا في طبيعة الانخراط الدولي بالحرب الأوكرانية. بينما تتراجع واشنطن عن دورها التقليدي كقائدة للتحالف الداعم لكييف، تحاول أوروبا سد الفراغ، لكن تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل يكفي هذا الدعم لتمكين أوكرانيا من الصمود؟ وهل يمكن التوفيق بين المسار العسكري والتفاوضي دون التضحية بمبادئ السيادة والعدالة؟.