اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

توازن هش وخرق متبادل.. أزمة الصواريخ بين لبنان وإسرائيل وسط تصعيد مستمر وقلق أممي

الجيش اللبناني
محمود المصري -

في تطور جديد يعكس تصاعد التوترات الأمنية على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، أعلن الجيش اللبناني عن توقيف مجموعة متورطة في تنفيذ عمليتي إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل في شهري مارس، في خطوة تفتح الباب أمام تساؤلات عن قدرة الدولة اللبنانية على بسط سيادتها الأمنية في الجنوب، وتثير من جديد قضية العلاقة الشائكة بين الدولة اللبنانية من جهة، والفصائل المسلحة غير الرسمية من جهة أخرى، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة مع إسرائيل.

تفاصيل العملية الأمنية اللبنانية

وفقاً لبيان رسمي صدر عن الجيش اللبناني، فإن مديرية المخابرات تمكنت من تحديد هوية المجموعة التي نفذت عمليتي الإطلاق في 22 و28 مارس من منطقتين في قضاء النبطية، وهما كفرتبنيت وأرنون وقعقعية الجسر. وتم تنفيذ مداهمات أمنية أسفرت عن توقيف عدد من المشتبه فيهم، بينهم لبنانيون وفلسطينيون، كما تم ضبط العتاد والآلية المستخدمة في العمليتين. وأشار الجيش إلى أن التحقيقات جارية بإشراف القضاء المختص، في حين تستمر عمليات البحث عن باقي المتورطين.

رد الفعل الإسرائيلي والتصعيد العسكري

إسرائيل بدورها لم تتأخر في تحميل الحكومة اللبنانية المسؤولية عن إطلاق الصواريخ، معتبرة أن الدولة اللبنانية تخالف اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر الماضي. وردّت إسرائيل على الهجمات بتنفيذ سلسلة من الغارات الجوية والقصف المدفعي استهدفت مناطق جنوبية وأخرى في الضاحية الجنوبية لبيروت، في تصعيد يُنظر إليه على أنه تجاوز لمبدأ "الردع المتبادل" الذي ظل يحكم العلاقة بين الطرفين منذ عام 2006.

قلق دولي متزايد

الأمم المتحدة دخلت على خط الأزمة معربةً عن قلقها الشديد حيال استمرار استهداف المدنيين في لبنان. المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، أكد في مؤتمر صحافي في جنيف أن العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ نوفمبر أسفرت عن مقتل 71 مدنياً بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى نزوح أكثر من 92 ألف شخص، الأمر الذي يثير مخاوف جدية بشأن انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

إخفاقات في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار

الاتفاق الذي أُبرم في نوفمبر الماضي نصّ على سحب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني، ونشر الجيش اللبناني مكانها، إضافة إلى تفكيك البنية التحتية العسكرية لـ"حزب الله" ومصادرة أي أسلحة غير شرعية. غير أن الوقائع على الأرض تشير إلى عدم التزام الطرفين الكامل ببنود الاتفاق. فبينما تتهم إسرائيل "حزب الله" بالحفاظ على قواعد عسكرية في الجنوب، يشير الحزب والدولة اللبنانية إلى استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك بقاء قوات إسرائيلية في خمس مواقع حدودية استراتيجية.

تعكس هذه الأزمة حالة التوازن الهش على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، حيث تسود معادلة ردع غير مستقرة وتداخل بين العمل العسكري الرسمي وغير الرسمي. كما تبرز التحديات الكبرى التي تواجه الدولة اللبنانية في فرض سيادتها، وسط ضغوط إسرائيلية، وانقسام داخلي، وتداعيات اقتصادية وإنسانية متفاقمة. في هذا السياق، يبقى المجتمع الدولي مدعواً ليس فقط إلى مراقبة الوضع بل إلى العمل الجاد لتثبيت وقف إطلاق النار ومحاسبة منتهكيه، مع الضغط على كل الأطراف لتفادي الانزلاق نحو مواجهة شاملة قد تكون مدمرة للمنطقة بأسرها.