اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

عدن يابال تحت سيطرة «الشباب» مجدداً.. عودة مقلقة للتنظيم وسط تحديات أمنية متزايدة في الصومال

الشرطة الصومالية
محمود المصري -

في تطور ميداني مثير للقلق، أعلنت مصادر عسكرية وسكان محليون أن «حركة الشباب» المتطرفة أعادت بسط سيطرتها على بلدة عدن يابال، الواقعة وسط الصومال، والتي تُعد واحدة من أهم النقاط الاستراتيجية في المعركة المستمرة بين الحكومة الصومالية والتنظيم المرتبط بـ«القاعدة». هذه البلدة تمثل مركزاً لوجيستياً وعسكرياً بالغ الأهمية، نظراً لوجود قاعدة عسكرية رئيسية تستخدمها القوات الصومالية في عملياتها ضد معاقل التنظيم في منطقتي شبيلي الوسطى وهيران.

العملية بدأت بهجوم مباغت في الساعات الأولى من الصباح، حوالي الساعة الخامسة والنصف بالتوقيت المحلي، حيث استُخدمت قاذفات مثبتة على شاحنات لتمهيد الطريق أمام مقاتلي الحركة الذين توغلوا لاحقاً داخل المدينة. وأكدت مصادر عسكرية أن قوات الجيش انسحبت "تكتيكياً" من مواقعها داخل عدن يابال، مما سمح للمسلحين بالدخول والتمركز داخلها، بينما اتخذت القوات الصومالية مواقع دفاعية خارج البلدة في انتظار التعزيزات.

هذا التطور يعكس تحدياً واضحاً للجهود التي بذلتها الحكومة الصومالية، بمساندة قوات "الاتحاد الأفريقي"، خلال عامي 2022 و2023، حين تمكنت من إجبار «حركة الشباب» على التراجع وتبني استراتيجية دفاعية. وكانت عدن يابال تحديداً قد تحررت من سيطرة التنظيم في ديسمبر 2022 في إطار عملية موسعة هدفت إلى استعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة المسلحة.

ورغم النجاحات السابقة، فإن الهجمات الأخيرة -ومنها محاولة استهداف موكب الرئيس حسن شيخ محمود في العاصمة مقديشو في مارس الماضي- تؤشر إلى مرحلة جديدة من تصعيد التهديد الأمني. وقد زاد من تعقيد المشهد إعلان «حركة الشباب» رسمياً عن استعادتها للبلدة، وهو ما قد يحمل أبعاداً رمزية وميدانية خطيرة، خاصة أن البلدة كانت قبل أسابيع فقط مسرحاً لزيارة رئاسية هدفت إلى رفع الروح المعنوية وتقييم الجهود الميدانية.

أزمة تتجدد.. ودلالات مقلقة

عودة التنظيم إلى عدن يابال ليست فقط انتكاسة ميدانية، بل تمثل مؤشراً لثغرات أمنية خطيرة قد تعرقل استراتيجية الحكومة في استعادة الاستقرار. فعلى الرغم من الدعم الدولي والإقليمي، يبدو أن «حركة الشباب» ما زالت تحتفظ بقدرة عالية على التنظيم والمناورة وتنفيذ الهجمات المباغتة، بما يهدد حالة "الانكفاء" التي افترضت الحكومة أنها نجحت في فرضها خلال العامين الماضيين.

كما أن هذه الحادثة تُعيد تسليط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في البلاد، خاصة في المناطق الريفية والاستراتيجية، التي تشكّل بيئة خصبة لتحركات الجماعة المتطرفة، وسط تحديات تتعلق بضعف البنية الاستخباراتية، وانخفاض جاهزية القوات في بعض المناطق، والانقسامات القبلية، والنقص في الإمدادات والدعم اللوجيستي.

تنامي نفوذ الجماعات المسلحة

ما يجري في عدن يابال لا يمكن فصله عن سياق أوسع يتعلق بالصراع الجيوسياسي في شرق أفريقيا، وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة التي تستفيد من هشاشة الدولة، وضعف مؤسساتها، والفراغ الأمني في بعض المناطق. ومع تقليص عدد قوات "الاتحاد الأفريقي" تدريجياً ضمن خطة نقل المهام الأمنية للقوات المحلية، يتزايد الضغط على الحكومة الصومالية لملء هذا الفراغ دون أن تكون قد اكتملت جاهزيتها فعلياً.

سقوط عدن يابال مجدداً بأيدي «حركة الشباب» يمثل جرس إنذار للقيادة الصومالية والمجتمع الدولي، ويثير تساؤلات حقيقية حول مدى استدامة الإنجازات الأمنية التي تحققت مؤخراً. فهل تستطيع مقديشو استعادة زمام المبادرة سريعاً؟ أم أن البلاد مقبلة على جولة جديدة من الكرّ والفرّ مع تنظيم لم يفقد قدرته على الصعود من جديد؟.