كوريا الشمالية تتهم إسرائيل وأمريكا بسرقة غزة

في بيان لافت يحمل دلالات سياسية تتجاوز حدود الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أدانت كوريا الشمالية الغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، ووصفتها بأنها تجسيدٌ لـ"الطموحات الاستعمارية" لإسرائيل. جاء ذلك في تقرير لوكالة الأنباء المركزية الكورية، التي نددت بـما اعتبرته "محاولة مكشوفة للاستيلاء على أراضي الغير"، ووجهت اتهامات مباشرة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة بالعمل المشترك على "تدمير السلام العالمي".
قراءة في مضمون التصريحات
الخطاب الكوري الشمالي لم يأتِ عابرًا، بل حمل اتهامات مباشرة لإسرائيل بالسعي للهيمنة الإقليمية، وقالت الوكالة الرسمية إن "تل أبيب لم تعد تُخفي نواياها لابتلاع غزة". التصريحات ذهبت أبعد من ذلك باتهام واشنطن بأنها "الجهة التي تعطي الأوامر"، حيث أشارت إلى تصريحات للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حول "نقل غزة إلى الإدارة الأمريكية" بعد انتهاء الحرب، في ما يُفهم أنه تشكيك في النوايا الأمريكية حتى بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض.
التقاطعات الجيوسياسية.. كوريا الشمالية وحسابات الشرق الأوسط
رغم بُعدها الجغرافي عن منطقة الشرق الأوسط، اعتادت كوريا الشمالية أن تتخذ مواقف سياسية داعمة للقضية الفلسطينية منذ عقود، في إطار ما تسميه "معركة الشعوب ضد الإمبريالية الأمريكية". لكن هذا الموقف الجديد يتجاوز التضامن الخطابي، ويعكس توجهاً تصعيدياً في اللهجة السياسية، يربط بين التحالف الأمريكي-الإسرائيلي و"تهديد الأمن والسلم الدوليين"، وهي صيغة تستند إليها بيونغ يانغ عادة لتبرير مواقفها السياسية والدفاعية أمام الغرب.
إسرائيل في دائرة الاتهام الكوري
ترى بيونغ يانغ أن العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي استؤنفت منتصف مارس بعد فشل مفاوضات التهدئة مع "حماس"، تمثل "عملاً عدوانياً ممنهجاً" وليس مجرد رد عسكري. وهنا تبرز النظرة الكورية الشمالية للصراع من زاوية التوسّع الإقليمي الإسرائيلي، وهي زاوية تتماشى مع الرواية الإيرانية والسورية، وتؤشر إلى اصطفاف سياسي متزايد بين كوريا الشمالية ومحور المقاومة في المنطقة.
الولايات المتحدة.. اللاعب الذي لا يغيب عن الاتهام
من خلال اتهام الولايات المتحدة بمنح إسرائيل "الضوء الأخضر" للسيطرة على غزة، تحاول كوريا الشمالية الربط بين ما يجري في الشرق الأوسط وما تسميه "سياسات الهيمنة الأمريكية العالمية"، وهو خطاب يعكس محاولتها تأطير الدعم الأمريكي لإسرائيل ضمن سردية أوسع عن الغطرسة الإمبريالية والتدخل في شؤون الدول.
تحليل الخطاب في السياق الدولي
تصريحات كوريا الشمالية تأتي في توقيت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب حجم الدمار في غزة، لكنها تنفرد بلغتها الحادة وتصعيدها المباشر ضد الولايات المتحدة. وربما تهدف بيونغ يانغ من وراء هذا الخطاب إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها:
إعادة تأكيد تحالفاتها الآيديولوجية مع دول مناوئة للغرب.
تحويل الأنظار عن ملفها النووي وخلق نوع من التوازن السياسي في مواجهة الضغوط الغربية.
كسب نقاط دبلوماسية في الجنوب العالمي، حيث تلقى القضية الفلسطينية تعاطفاً واسعاً.