اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

هدنة عيد القيامة تنهار سريعًا.. انفجارات في ميكولايف وإنذارات جوية في كييف

الحرب الروسية الأوكرانية
محمود المصري -

في تطور يعكس هشاشة المبادرات المؤقتة لوقف إطلاق النار، شهدت أوكرانيا، فجر اليوم الاثنين، تصعيدًا عسكريًا مفاجئًا بعد ساعات فقط من انتهاء هدنة عيد القيامة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليوم واحد. فقد دوت صفارات الإنذار في العاصمة كييف وفي النصف الشرقي من البلاد، محذرة من غارات جوية، فيما هزت انفجارات عنيفة مدينة ميكولايف شرق البلاد.


من هدنة دينية إلى استئناف الضربات

الهدنة الروسية التي اقتصرت على 24 ساعة – من مساء السبت حتى منتصف ليل الأحد بتوقيت موسكو – لم تُمدد، رغم دعوات أوكرانية وأمريكية لمواصلة وقف إطلاق النار. الكرملين أكد، عبر متحدثه دميتري بيسكوف، أنه "لا توجد أوامر جديدة" لتمديد الهدنة، مما فتح المجال أمام استئناف القتال في مختلف جبهات النزاع.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان قد أعلن مرارًا استعداد بلاده لوقف الضربات لمدة تصل إلى 30 يومًا، في إشارة إلى رغبة كييف في استغلال التهدئة لدواعٍ إنسانية ودبلوماسية. إلا أن الجانب الروسي تمسّك بانتهاء وقف إطلاق النار مع نهاية اليوم الديني دون تقديم مبررات واضحة.


انفجارات وتحذيرات جوية

بحسب تقارير محلية وأمنية، بدأت التحذيرات من الغارات الجوية بعد دقائق من منتصف الليل، وتوسعت تدريجيًا لتشمل مناطق وسط أوكرانيا. وفي كييف، حثت الإدارة العسكرية السكان على التوجه فورًا إلى الملاجئ، مشيرة إلى خطر داهم دون تفاصيل إضافية.
في مدينة ميكولايف، أكد رئيس البلدية أولكسندر سينكيفيتش سماع دوي انفجارات قوية، إلا أنه لم يحدد إن كانت ناجمة عن تفعيل أنظمة الدفاع الجوي أو عن ضربات مباشرة من قبل القوات الروسية. هذا الغموض يعكس تحديًا مستمرًا في رصد وتأكيد تفاصيل العمليات الميدانية في ظل الحرب الإلكترونية والإعلامية المتبادلة.


اتهامات متبادلة وانهيار للهدنة

في ظل غياب مراقبة دولية فعالة على الأرض، تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بخرق الهدنة التي قُدّمت كبادرة "روحانية" بمناسبة عيد القيامة. ففي حين اتهمت وزارة الدفاع الروسية القوات الأوكرانية بإطلاق النار 444 مرة على مواقع روسية، فضلاً عن شن أكثر من 900 هجوم بطائرات مسيّرة، أعلنت كييف أن القوات الروسية نفّذت قرابة 3000 انتهاك خلال فترة وقف إطلاق النار القصيرة.


تحليل استراتيجي

الهدنة المؤقتة، التي أُعلنت لأسباب دينية لا سياسية، كشفت عن واقع ميداني معقد يصعب فيه فصل الجانب الإنساني عن التكتيك العسكري. فروسيا، التي أظهرت نية محدودة في استمرار التهدئة، ربما سعت إلى توظيف الهدنة كوسيلة لإعادة التموضع أو لاختبار الاستجابة الأوكرانية والدولية. من جانبها، حاولت كييف استثمار المناسبة في تعزيز صورتها كطرف راغب بالسلام، رغم إدراكها لاحتمالات انهيار الهدنة سريعًا.
التحركات الليلية والإنذارات المتكررة تعكس حالة توتر شديدة واستعداد دائم لأي سيناريو محتمل، في وقت تشير فيه كل المعطيات إلى أن الحرب، التي دخلت عامها الرابع، لم تقترب من نهايتها بعد، بل تُظهر مؤشرات على تصاعد وتيرة العنف وابتكار تكتيكات جديدة في ساحة المعركة.
ما بعد هدنة عيد القيامة قد يكون أكثر دموية مما قبلها، بعدما سقطت كل المؤشرات الإيجابية في اختبار الواقعية السياسية والعسكرية، ليُترك المدنيون مرة أخرى في قلب العاصفة، بين صافرات الإنذار والانفجارات المباغتة.