اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

عدوان لا ينقطع.. الاحتلال يحوّل مدن الضفة إلى ساحة حرب مفتوحة

فلسطين
محمود المصري -

تتواصل عمليات الاحتلال الإسرائيلي العسكرية على مدن ومخيمات الضفة الغربية، وتحديداً في جنين وطولكرم، بوتيرة تصعيدية غير مسبوقة، حيث تجاوزت أيام العدوان التسعين يوماً في بعض المناطق، وسط عمليات هدم وتجريف وتهجير قسري طال آلاف العائلات.


في جنين، يشهد المخيم والمدينة حصاراً خانقاً تفرضه قوات الاحتلال، مع استمرار عمليات تدمير منهجية للمنازل والبنية التحتية. رئيس بلدية جنين، محمد جرار، أكد أن الاحتلال دمّر نحو 600 وحدة سكنية بالكامل، بالإضافة إلى تدمير جزئي أصاب منازل أخرى، ما جعلها غير صالحة للسكن. في ظل هذه الكارثة الإنسانية، تُبذل جهود لتأمين مساكن مؤقتة للنازحين، حيث يتم تجهيز 32 بيتاً متنقلاً في منطقة واد برقين، في وقت تجاوز فيه عدد النازحين 21 ألف مواطن، وفق ما صرح به محافظ جنين كمال أبو الرب.

عمليات عسكرية شاملة


العمليات العسكرية شملت أيضاً استخدام آليات عسكرية وجرافات لوضع سواتر ترابية، وتحليق الطائرات المسيّرة، وتحويل عدد من المنازل إلى ثكنات عسكرية، وسط اشتباكات متكررة وإطلاق نار مباشر على المواطنين. وقد استشهد الشاب سليمان مناصرة بعد إطلاق النار عليه، مع استمرار حملات الاعتقال واقتحام البلدات المحيطة بالمخيم.


وفي طولكرم ومخيم نور شمس، يتواصل العدوان منذ أكثر من 85 يوماً، مع ممارسات ممنهجة من اقتحامات ليلية، واعتقالات تعسفية، وتجريف للشوارع، وهدم للمنازل والمحال التجارية. وقد وثّقت المصادر استشهاد 13 مواطناً في المدينة، بينهم طفل وامرأتان إحداهما حامل، إضافة إلى تهجير أكثر من 4000 عائلة، وتحويل المنازل إلى نقاط عسكرية. كما تعرضت البنية التحتية لتدمير واسع النطاق، حيث دُمّر 396 منزلاً بشكل كلي و2573 بشكل جزئي.

جرائم كاملة


التصعيد لا يقتصر على جنين وطولكرم، بل يمتد إلى مختلف محافظات الضفة الغربية، بما فيها نابلس، سلفيت، الخليل، ورام الله. فقد هدمت قوات الاحتلال منازل ومنشآت تحت ذرائع "البناء دون ترخيص"، في سياسة وصفها مراقبون بأنها تهدف لتقييد النمو الفلسطيني وتحويل القرى والبلدات إلى كانتونات محاصرة. ويأتي ذلك في وقت تؤكد فيه هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن عمليات الهدم خلال شهر مارس وحده طالت 87 منشأة، من بينها 39 منزلاً مأهولاً.


الاعتداءات المتزامنة من قبل الجيش والمستوطنين أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 954 مواطناً في الضفة الغربية وحدها، وإصابة ما يقارب 7000، إضافة إلى اعتقال نحو 16,400 فلسطيني منذ بداية العدوان.

يُظهر المشهد الميداني في الضفة الغربية تحولاً استراتيجياً في سياسة الاحتلال، من عمليات محدودة إلى عدوان شامل يستهدف التهجير الجماعي، وتفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني عبر تدمير البنية التحتية، والممتلكات، وتكثيف الاعتقالات. وفي ظل صمت دولي، ومع انشغال العالم بالحرب في غزة، تبدو مدن الضفة الغربية وكأنها تُسحب بهدوء إلى سيناريو تهجير قسري طويل الأمد.