اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

الأسواق العالمية في مهب رياح سياسات ترمب.. هبوط الدولار وتصاعد القلق الاقتصادي وسط تراجع شعبيته

الأسواق العالمية
محمود المصري -

تشهد الأسواق المالية العالمية اضطرابات متصاعدة على خلفية تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية المرتبطة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب. فقد سجل الدولار الأميركي تراجعاً ملحوظاً إلى أدنى مستوياته في عشر سنوات مقابل الفرنك السويسري، وثلاث سنوات ونصف أمام اليورو، مما يعكس ضعف الثقة الدولية في الاستقرار المالي للولايات المتحدة.

هذا الهبوط ليس معزولاً عن السياق السياسي، بل يأتي وسط تصعيد متكرر من ترمب ضد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي وصفه في منشور على منصته "تروث سوشيال" بـ"الخاسر الكبير"، مطالباً إياه بخفض أسعار الفائدة فوراً. هذا الهجوم العلني على استقلالية البنك المركزي الأميركي أثار قلق المستثمرين، الذين باتوا يرون في هذه التصريحات تهديداً لمصداقية السياسات النقدية الأميركية.

هبوط مؤشرات الأسهم العالمية

النتيجة كانت تراجعاً واسع النطاق في مؤشرات الأسهم العالمية، حيث فقد مؤشر ناسداك 3.4% من قيمته، متأثراً خصوصاً بانخفاض حاد في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "تيسلا". أما في اليابان، فتأثرت أسواق طوكيو بتداعيات وول ستريت، وتراجع مؤشر "نيكي" بنسبة 0.4%، مدفوعاً بخسائر في قطاع الرقائق الإلكترونية.

سياسياً، أظهر استطلاع حديث أجرته "رويترز/إبسوس" انخفاضاً جديداً في شعبية ترمب، حيث لم يعد سوى 42% من الأميركيين يؤيدون أداءه، وهو أدنى مستوى له منذ عودته إلى البيت الأبيض. اللافت في نتائج الاستطلاع أن ثلث الجمهوريين أنفسهم أعربوا عن قلقهم من فقدان الولايات المتحدة لمصداقيتها الدولية، مما يعكس انقساماً داخلياً حول سياسات الرئيس.

تراجع الدولار

على صعيد العملات، ظل الدولار ضعيفاً أمام معظم العملات الرئيسية، بينما حافظ اليورو والجنيه الإسترليني على مكاسبهما، وسط تزايد العزوف عن الأصول الأميركية. حتى الدولار الأسترالي، الذي يُعد عملة عالية المخاطر، ارتفع أمام نظيره الأميركي، في مؤشر آخر على تدهور الثقة.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، لجأ المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن، ما دفع سعره إلى مستويات قياسية تجاوزت 3472 دولاراً للأوقية، مدعوماً بمخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك.

أما في آسيا، فقد أظهرت بورصات الصين وهونج كونج مرونة نسبية، إذ سجلت مكاسب محدودة رغم التراجع الإقليمي العام، مدفوعة بأداء جيد للقطاع المصرفي الصيني. إلا أن شركات التكنولوجيا مثل JD.com وMeituan تكبدت خسائر كبيرة نتيجة احتدام المنافسة في السوق المحلية.

تدل المؤشرات الاقتصادية والسياسية مجتمعة على تزايد القلق العالمي من السياسات الشعبوية التي ينتهجها ترمب، والتي لا تكتفي بإثارة الجدل داخلياً، بل تترك بصمتها على الاقتصاد العالمي. وبينما يواصل الدولار هبوطه، تتنامى الشكوك حول استقرار الاقتصاد الأميركي، في وقت يبدو فيه الرئيس منشغلاً بصراعاته الشخصية أكثر من تركيزه على بناء الثقة الدولية.