صراع الصلاحيات في زمن الحرب.. سموتريتش يصطدم بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية وسط خلافات حول إدارة المساعدات وغزة

تشهد الحكومة الإسرائيلية حالة متزايدة من التوتر والانقسام الداخلي، خصوصاً داخل المجلس الأمني والسياسي المصغر (الكابينت)، مع تصاعد الخلافات بين أركان القيادة السياسية والعسكرية حول إدارة الحرب في قطاع غزة، وتحديداً في ما يتعلق بتوزيع المساعدات الإنسانية. وتكشف التسريبات التي خرجت من اجتماع الكابينت الأخير عن أزمة ثقة عميقة بين وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، وكذلك رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار.
في قلب الأزمة، رفض الجيش الإسرائيلي تولّي مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية داخل غزة، بحجة أن هذه المهمة لا تندرج ضمن صلاحياته أو نطاق عملياته. وهو ما أثار غضب سموتريتش، الذي صبّ جام غضبه على زامير، متهماً إياه بالتنصل من المسؤولية، ومشدداً على أن الجيش ملزم بتنفيذ أوامر القيادة السياسية، حتى لو تعلق الأمر بإدارة توزيع المساعدات. واتهم الجيش بعدم الجهوزية والتقصير في التنفيذ، بل لوّح بإمكانية الاستعانة بجهات بديلة إذا لم يقم الجيش بالمهمة.
صراع الصلاحيات
تصريحات سموتريتش جاءت في سياق نقاش حساس أداره وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي أقرّ بالحاجة إلى استئناف إيصال المساعدات إلى قطاع غزة "في الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين"، مع اشتراط منع وصولها إلى حركة "حماس". هذا التصريح يعكس إدراكاً متزايداً داخل الدوائر الرسمية الإسرائيلية بأن الوضع الإنساني في غزة قد بلغ مستويات حرجة، وأن الضغط الدولي والإقليمي يجبر تل أبيب على تسهيل تدفق المساعدات، حتى لو تعارض ذلك مع المزاج السياسي لبعض الوزراء المتشددين.
إلا أن الأزمة لم تقف عند حدود توزيع المساعدات، بل امتدت إلى ملفات الحرب الأوسع. فقد هاجم سموتريتش طريقة إدارة الجيش للحرب في غزة، داعياً إلى الانتقال إلى "مرحلة حاسمة" لتحديد مصير القطاع، وهي إشارة ضمنية إلى دعوات سابقة من التيار اليميني لفرض إدارة إسرائيلية أو استيطانية في غزة، أو على الأقل منع أي شكل من أشكال عودة السلطة الفلسطينية أو استمرار الحكم الذاتي هناك.
وفي مشهد يُجسد مستوى الانقسام والتوتر داخل الكابينت، انسحب سموتريتش من القاعة أثناء حديث رئيس الشاباك رونين بار، مدعياً حاجته إلى "الذهاب إلى الحمام"، ولم يعد إلا بعد انتهاء بار من مداخلته. وسبق له أن هاجم بار علناً، متهماً إياه باستغلال منصبه لأغراض سياسية وانتقامية من خصومه، ما يضع علامات استفهام خطيرة حول العلاقة بين الحكومة وأجهزة الأمن الداخلي.
خلل عميق
هذه السلوكيات تعكس خللاً عميقاً في مناخ اتخاذ القرار داخل الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً في وقت تخوض فيه البلاد حرباً واسعة ومعقدة في غزة، وسط ضغوط دولية متزايدة، وتحديات أمنية على جبهات متعددة، بما في ذلك شمال إسرائيل والضفة الغربية.
دلالات المشهد
انقسام القيادة: الخلاف بين الوزراء وقادة الجيش والأمن يُبرز أزمة ثقة عميقة قد تؤثر على فعالية القرار العسكري والسياسي في إسرائيل.
تسييس المؤسسة الأمنية: الهجمات المتكررة على قيادات الجيش والشاباك من قبل وزراء سياسيين تكشف عن محاولات لتطويع الأجهزة الأمنية لخدمة أجندات حزبية.
الضغط الدولي والإنساني: قبول الحكومة باستئناف توزيع المساعدات يشير إلى تنامي تأثير الضغوط الخارجية، رغم اعتراضات التيار اليميني.
تصعيد داخلي محتمل: استمرار التوتر بين مكونات الحكومة قد يُمهّد لانقسامات أوسع، وربما يؤثر على مستقبل الائتلاف الحاكم نفسه.