اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

سلام مؤجل.. روسيا ترفض وجود قوات حفظ السلام في أوكرانيا

الحرب الروسية الأوكرانية
محمود المصري -

وسط تصاعد التوترات واستمرار الجمود العسكري والدبلوماسي في الحرب الروسية الأوكرانية، تتكثف الجهود الدولية بحثاً عن مخرج سياسي للأزمة، إلا أن المواقف المتباينة للاعبين الرئيسيين، وعلى رأسهم روسيا والولايات المتحدة، ما تزال تعرقل أي تقدم حقيقي.
فقد جدّدت روسيا موقفها الرافض لنشر أي قوات حفظ سلام في أوكرانيا، معتبرة أن مثل هذه الخطوة ليست سوى غطاء لوجود عسكري مباشر لحلف شمال الأطلسي (الناتو) على الأراضي الأوكرانية، وهو الأمر الذي تصفه موسكو بأنه أحد الأسباب الجوهرية التي دفعتها لإطلاق "العملية العسكرية الخاصة" في فبراير 2022.

الكرملين يرفض "حفظ السلام"

الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أكد أن موقف بلاده لم يتغير حيال هذا المقترح، معتبراً أن وجود قوات ومعدات أوروبية أو تابعة للناتو على الأرض الأوكرانية يمثل انتهاكاً مباشراً للسيادة، ويعكس طبيعة الصراع الحقيقي كصدام غير مباشر بين روسيا والغرب، بواجهة أوكرانية.
كما أشار بيسكوف إلى فشل انعقاد اجتماع لندن، الذي كان مقرراً لمناقشة المسارات السياسية الممكنة لإنهاء الحرب، مرجعاً ذلك إلى عدم توصل المشاركين إلى توافق بشأن قضايا أساسية، دون أن يوضح تفاصيل تلك الخلافات.

تأجيل محادثات لندن

وزارة الخارجية البريطانية أعلنت بدورها تأجيل الاجتماع رفيع المستوى، الذي كان من المقرر أن يجمع وزراء خارجية دول غربية وأطرافاً معنية بالملف الأوكراني. ورغم تأكيد استمرار المحادثات بشكل مغلق، فإن هذا التأجيل المفاجئ ترافق مع تسريبات لوسائل إعلام أميركية حول وجود "مقترح سلام" تقدمت به واشنطن لأوكرانيا، ما عزز من احتمالية وجود انقسامات حادة بين الحلفاء بشأن فحوى المبادرة وجدواها.
واشنطن تطرح عرضاً مثيراً للجدل

وبحسب موقع "أكسيوس"، فإن الولايات المتحدة قدمت لمسؤولين أوكرانيين وثيقة من صفحة واحدة، تمثل ما وُصف بـ"العرض النهائي" للرئيس الأميركي السابق والمرشح المحتمل دونالد ترمب. وتشير الوثيقة إلى إمكانية اعتراف أميركي بشبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، وقبول فعلي لسيطرة موسكو على مناطق شرق أوكرانيا التي استولت عليها منذ 2022.
المقترح، الذي يبدو وكأنه مبادرة سلام بطابع فرض الشروط، يشترط على كييف تقديم "تنازلات كبيرة"، وهو ما يتعارض مع الخطاب السياسي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي لطالما رفض الاعتراف بأي تغييرات في الخريطة السيادية الأوكرانية.

موقف روسي "مرن نظرياً"

رغم رفض موسكو العلني لمقترحات السلام الغربية بصيغتها الحالية، أكد الكرملين أنه لا يزال منفتحاً على التواصل مع واشنطن، بينما نفى وجود حوار نشط مع أوكرانيا أو أوروبا. هذا الموقف يكشف عن إدراك روسي لأهمية البعد الأميركي في أي تسوية مستقبلية، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى تصلب واضح في ما يتعلق بأي تنازل إقليمي أو أمن استراتيجي على حدود روسيا.

فرص التسوية تتآكل

من الواضح أن مقترحات السلام المطروحة، سواء من قبل واشنطن أو غيرها من الأطراف، تصطدم بجدار من التعقيدات السياسية، والاستقطاب الجيوسياسي، وتباين الرؤى بين حلفاء أوكرانيا أنفسهم. وفي حين تراهن بعض الأطراف على تقديم "حلول واقعية" من منطلق الضرورة، تصر كييف على مبدأ "لا سلام مع التنازل"، وهو ما يجعل مسار المفاوضات محفوفاً بالمخاطر.
في المقابل، لا تزال روسيا ترى في أي وجود أجنبي في أوكرانيا تهديداً مباشراً، وتستخدم خطاباً مزدوجاً يجمع بين الانفتاح الدبلوماسي والتصعيد الرمزي.
وفي ظل غياب توافق دولي حقيقي، واستمرار التعويل على أدوات الضغط العسكري، يبدو أن الحرب ستستمر في استنزاف الأطراف جميعاً، وسط جهود سلام مؤجلة أو محبطة قبل أن تبدأ.