اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

الصين تُحلّق في سماء القاهرة.. مناورات جوية تُعيد رسم خرائط التحالفات بالشرق الأوسط

مناورات جوية
محمود المصري -

لا تقتصر التحديات التي تطرحها الصين على الهيمنة الاقتصادية الغربية، بل بدأت تتخذ طابعًا أكثر صراحةً على الصعيد العسكري، مع تزايد التوغل في مناطق نفوذ تقليدية للولايات المتحدة، لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا. وفي تطور يُعد الأول من نوعه، شاركت الصين في مناورات جوية مشتركة مع مصر، ما يرمز إلى مرحلة جديدة من التعاون العسكري بين بكين وحليف تقليدي لواشنطن.

مناورة جوية برسائل تتجاوز السماء


المناورة، التي انطلقت في قاعدة "وادي أبو الريش" الجوية، الواقعة على بعد نحو 100 كيلومتر غرب خليج السويس، تأتي تحت اسم "نسور الحضارة 2025"، وتستمر حتى منتصف مايو. هذه أول مرة تُشارك فيها القوات الجوية الصينية في تدريب مشترك بهذا المستوى مع الجيش المصري، ما يعكس نية بكين في ترسيخ أقدامها عسكريًا في قلب العالم العربي.
شاركت الصين بطائرة Y-20U للتزود بالوقود جوًا، وطائرة KJ-500 للإنذار المبكر والتحكم الجوي (AWACS)، ومقاتلات J-10B/C متعددة المهام، ما يمثل استعراضًا لقدراتها في النقل العسكري الاستراتيجي والتنسيق العملياتي عبر مسافات طويلة — إذ قطعت الطائرات الصينية ما يقرب من 6000 كيلومتر من الصين إلى مصر.
من جانبها، شاركت القاهرة بمقاتلات MiG-29M/M2 الروسية الصنع، في خطوة تؤكد تنوع مصادر التسليح لدى الجيش المصري، وتوجهه نحو موازنة العلاقات بين القوى الكبرى.


الصين تستثمر تراجع الدور الأمريكي


لا يمكن فصل هذه المناورة عن السياق الجيوسياسي الأوسع. فبحسب موقع The War Zone، فإن ما يُقلق واشنطن ليس فقط التعاون العسكري، بل رمزيته السياسية في ظل فتور العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، وتزايد الحديث عن خفض المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة، والتي تبلغ نحو 1.5 مليار دولار سنويًا.
في المقابل، تظهر الصين كبديل استراتيجي محتمل، مستعدة لتقديم المعدات والدعم دون الشروط السياسية التي غالبًا ما تفرضها واشنطن. وكما صرح الجنرال الأمريكي المتقاعد جوزيف فوتيل، فإن هذه المناورات لا تمثل خطرًا مباشرًا، لكنها "تُذكرنا بأن لشركائنا خيارات أخرى".
حضور صيني متزايد في الشرق الأوسط وأفريقيا
يمتد الحضور الصيني إلى ما هو أبعد من مصر. فبكين تحتفظ بقاعدة عسكرية كبرى في جيبوتي منذ عام 2017، ما يمنحها قدرة على مراقبة باب المندب وخليج عدن. كما ارتفعت مبيعات الأسلحة الصينية إلى الشرق الأوسط بنسبة 80% خلال العقد الماضي، وفقًا للخبير بيتر سينجر.
وقد أثيرت اتهامات مؤخرًا — نقلتها صحيفة فاينانشال تايمز — عن تورط الصين في دعم الحوثيين بمعلومات استخباراتية لاستهداف السفن في البحر الأحمر، ما يزيد من الشكوك بشأن نوايا بكين تجاه استقرار المنطقة.

فراغ أمريكي تُسارع الصين إلى ملئه


الانسحاب الأمريكي من أفريقيا، سواء على مستوى السياسات أو القوات، يترك فراغًا استراتيجيًا تتسابق الصين لملئه. فإعادة هيكلة أفريكوم (القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا) وربطها بـيوكوم (القيادة الأوروبية) يعكس تراجع اهتمام واشنطن بالقارة. وفي المقابل، تُعمق بكين حضورها الاقتصادي والعسكري، وتجد في دول مثل مصر بوابةً محورية لذلك، نظرًا لموقعها الجغرافي وقوة جيشها المصنف كالأقوى في أفريقيا.


التسليح.. باب صراع مفتوح

تُحيط الشائعات بصفقة مصرية محتملة لشراء طائرات J-10C من الصين، وسط نفي رسمي من بكين، وتأكيدات غير مباشرة من تقارير محلية. ويرى مراقبون أن هذه الصفقات – سواء تمّت أو لا – تعكس تحولاً تدريجيًا في خيارات مصر الدفاعية، وامتدادًا للتنافس العالمي على أسواق السلاح في المنطقة.