اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

روسيا تُلوّح بالحرب العالمية الثالثة.. حفظ السلام في أوكرانيا يشعل فتيل الردع النووي

الحرب الروسية الأوكرانية
محمود المصري -

في مشهد يعكس تصعيداً جديداً في لهجة الخطاب الروسي، حذّر سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرجي شويجو من أن نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا قد يدفع العالم نحو حافة حرب عالمية ثالثة، ملوّحاً صراحة بحق موسكو في استخدام الأسلحة النووية إذا ما تعرضت لهجوم.
في مقابلة رسمية مع وكالة تاس الروسية، وصف شويجو أي تحرك دولي لنشر قوات على الأراضي الأوكرانية بأنه غطاء لاحتلال أجنبي يسعى للهيمنة على أوكرانيا ومواردها الطبيعية، واعتبر أن هذا التحالف العسكري، الذي يتكون من "الراغبين"، هو في الحقيقة أداة للسيطرة الغربية، لا لحفظ السلام كما يُروَّج.

يرى شويجو أن مشروع نشر قوات دولية، خصوصاً من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يحمل مخاطر مواجهة مباشرة بين روسيا والناتو، وهي المواجهة التي طالما حرصت القوى الكبرى على تجنبها منذ نهاية الحرب الباردة. ويؤكد أن هذه القوات، إن دخلت أوكرانيا، ستُعامَل على أنها قوات معادية، وليست محايدة.

في هذا السياق، اتهم شويجو تلك المبادرات بأنها امتداد لمحاولة قمع الهويّة الروسية داخل أوكرانيا، خصوصاً تجاه السكان الناطقين بالروسية، مشيراً إلى "اضطهاد الأرثوذكس"، و"تجريم اللغة الروسية"، و"تبنّي خطاب نازي" بحسب زعمه.

الردع النووي.. في قلب العقيدة الروسية الجديدة

الأخطر في حديث شويجو لم يكن مجرد التحذير من المواجهة، بل تأكيده مجدداً على أحقية روسيا في استخدام السلاح النووي في حال تعرّضها أو حلفائها لهجوم، في إشارة مباشرة إلى بيلاروس، الحليف الوثيق.
وقد جاء هذا التهديد متناغماً مع تعديلات جوهرية أدخلتها موسكو على عقيدتها النووية في نوفمبر 2024، حيث تنص الوثيقة الرسمية على أن القرار النهائي باستخدام الأسلحة النووية بيد الرئيس الروسي، وأن لروسيا الحق في إعلام الأطراف الدولية بنيّتها أو قرارها الفعلي باستخدامها.
بيلاروس: شريك في الردع الاستراتيجي
تحدث شويجو بإسهاب عن تنامي التنسيق العسكري بين روسيا وبيلاروس، مشيراً إلى أن المفهوم الأمني لاتحاد الدولتين (الذي أُقرّ في ديسمبر 2024) يتضمّن الردع الاستراتيجي المشترك ضد أي تهديد غربي، وهو ما يضع الأراضي البيلاروسية أيضاً في بؤرة أي تصعيد نووي أو عسكري محتمل.

بين التحذير والتخويف.. قراءة في التوقيت

تحمل تصريحات شويجو أبعاداً عدة، فهي تأتي في وقت تتعالى فيه الدعوات الغربية، لا سيما من بعض العواصم الأوروبية، لنشر قوة دولية تفصل بين القوات الروسية والأوكرانية أو تؤمن مناطق مدنية. لكن التحذير الروسي الحاد يعكس تصميماً استراتيجياً على منع أي وجود عسكري أجنبي جديد في أوكرانيا، واعتباره خطاً أحمر يوازي خط استخدام الأسلحة النووية.
كذلك يُفهم من نبرة التصعيد أن روسيا تريد إرسال رسالة ردع نفسية واستراتيجية، ليس فقط إلى كييف بل إلى العواصم الغربية، خصوصاً قبل الاستحقاقات الانتخابية الأميركية التي قد تغيّر من ديناميكيات الدعم لأوكرانيا.

تُذكّر موسكو، عبر هذه الرسائل، بأنها ما زالت أكبر قوة نووية على وجه الأرض، وأنها لا تتوانى عن استخدام هذه الورقة ضمن استراتيجيتها لفرض النفوذ وإعادة رسم خريطة الأمن في أوروبا الشرقية.