اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

موسكو تتهم كييف بخرق هدنة الطاقة وتُحمّل الغرب مسؤولية إطالة أمد الحرب

الخارجية الروسية
محمود المصري -

في تصعيد جديد للحرب الإعلامية والدبلوماسية المواكبة للصراع العسكري الدائر، وجّهت وزارة الخارجية الروسية اتهامات مباشرة لأوكرانيا بخرق اتفاق غير رسمي كانت واشنطن قد اقترحته، يقضي بعدم استهداف منشآت الطاقة خلال فترة عيد الفصح، ما يُسلّط الضوء على هشاشة أي محاولات لوقف إطلاق النار حتى وإن كانت مؤقتة أو جزئية.
وأكدت موسكو، في بيان رسمي صدر الخميس، أن كييف استخدمت أسلحة أمريكية الصنع خلال الهجمات، معتبرة ذلك "فخًا نُصب للولايات المتحدة" من قبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي اتُّهم مجددًا بـ"العجز عن التوصل إلى تسوية سياسية". وترى الخارجية الروسية أن هذا التصرف يُبرهن مرة أخرى على ما تعتبره "عدم جدية النظام الأوكراني في التفاوض"، بل ورفضًا واضحًا لأي مساعٍ لإنهاء القتال.
وتأتي هذه الاتهامات في وقت يشهد فيه الصراع تصاعدًا متواصلاً، لا سيما على الجبهات الشرقية والجنوبية من أوكرانيا، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية متزايدة في ظل استهداف البنية التحتية الحيوية للطاقة. وتُعد هذه البنى أساسية في توفير التدفئة، والمياه، والكهرباء لملايين المدنيين، ما يجعل استهدافها خلال الأعياد مسألة حساسة ذات أبعاد أخلاقية واستراتيجية.

إطالة أمد الحرب


وفي السياق نفسه، وجهت الخارجية الروسية انتقادات لاذعة للدول الأوروبية، متهمة إياها بـ"عدم الرغبة في تحقيق السلام" و"السعي لإطالة أمد الحرب عبر تكثيف الدعم العسكري لكييف". ووصفت موسكو هذا الدعم المتواصل، سواء بالتمويل أو الإمداد بالسلاح، بأنه "عامل مفاقم للأزمة"، يعكس توجهًا غربيًا لإبقاء الصراع مشتعلاً بدلاً من الدفع نحو تسوية سياسية شاملة.
وتُثير هذه التصريحات تساؤلات عن مدى استعداد الأطراف المختلفة — سواء موسكو، كييف، أو حلفائها — للانخراط في مفاوضات جادة، خاصة في ظل استمرار تبادل الاتهامات وغياب أي أفق واضح لوقف إطلاق النار أو خريطة طريق سياسية متفق عليها.
ويبدو أن الحرب دخلت مرحلة من الجمود التكتيكي، مصحوبة بتصعيد دعائي ودبلوماسي قد يسبق موجة جديدة من العمليات العسكرية أو، في أفضل الأحوال، محاولات دولية مضنية لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.


أوروبا تتصدّى لمحاولات ترامب تقنين الاحتلال الروسي

في سياق متصل كشفت صحيفة فاينانشال تايمز عن موقف أوروبي حاسم رافض لأي محاولة أمريكية للاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو بالقوة من أوكرانيا عام 2014، في خطوة لا تزال تشكل حجر عثرة في العلاقات بين الغرب وروسيا.

وبحسب الصحيفة، فإن مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى أكدوا أنهم أبلغوا إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال مناقشات دبلوماسية رفيعة، أن الاعتراف بالقرم كجزء من الأراضي الروسية هو "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه، وأن مثل هذا الاعتراف الأحادي الجانب سيفكك الموقف الغربي الموحد تجاه أوكرانيا، ويقوّض أي أسس قانونية لاحقة لمحاسبة روسيا على ضمّها الإقليمي.

التباين العميق بين ضفّتي الأطلسي

يشير الموقف الأوروبي الحازم إلى تصدع محتمل في وحدة المواقف عبر الأطلسي، لا سيما في ظل ما وصفه مسؤولون أوروبيون بمحاولات إدارة ترامب الضغط على العواصم الغربية لتليين مواقفها تجاه موسكو. وحذّر أحد هؤلاء المسؤولين من أن "الضغط على كييف للاعتراف بسيادة روسيا على القرم لن يجد أي دعم داخل الاتحاد الأوروبي"، مؤكدًا أن هذا النوع من الصفقات "يضعف القانون الدولي ويشجع على سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة".

ورغم السعي الأوروبي الحثيث لإثناء واشنطن عن أي خطوة منفردة من هذا النوع، فإن إدارة ترامب كانت تدرس، وفق تسريبات صحفية، اقتراحًا أثار جدلًا واسعًا، يتضمن الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم مقابل ضمانات أمنية غير محددة المعالم لأوكرانيا. هذا المقترح، الذي كان من المقرر طرحه في اجتماع دبلوماسي في لندن، أثار انقسامًا كبيرًا، انعكس بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي في الاجتماع، في مؤشر على عدم التوافق بين الحلفاء.