اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

الصين تلوّح بالتراجع في حرب الرسوم.. إعفاءات مرتقبة على سلع أميركية استراتيجية

الصين وأميريكا
محمود المصري -

في تحوّل لافت قد يشير إلى بداية تخفيف حدة النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، تدرس الحكومة الصينية تعليق بعض الرسوم الجمركية المفروضة على واردات أميركية، في خطوة تعكس إدراك بكين لتبعات الحرب التجارية على قطاعات استراتيجية داخل اقتصادها.

ووفقًا لمصادر مطلعة نقلتها وكالة "بلومبرغ"، فإن السلطات الصينية تدرس إعفاءات تشمل معدات طبية متقدمة ومواد كيميائية صناعية، وعلى رأسها مادة الإيثان، إلى جانب التنازل عن رسوم تأجير الطائرات. هذه الخطوة تأتي في ظل تصاعد الضغوط على الصناعات المحلية التي تعتمد على سلاسل إمداد أميركية، وسط نزاع تجاري أرهق الأسواق منذ بدايته.

حسابات اقتصادية.. لا سياسية فقط

تُظهر هذه الدراسة الصينية أن قرارات بكين لم تعد تُبنى فقط على اعتبارات سياسية أو ردود فعل مقابلة لما تفعله واشنطن، بل باتت تحكمها حسابات اقتصادية دقيقة. فصناعة البلاستيك الصينية، رغم تفوقها العالمي، لا تزال تعتمد بشكل كبير على الإيثان الأميركي كمادة خام، بينما تعتمد مستشفيات البلاد على تقنيات طبية من شركات مثل GE Healthcare.

كذلك، يبرز قطاع الطيران المدني كمثال حي على التعقيد الذي فرضته الرسوم الجمركية. شركات الطيران الصينية، التي لا تمتلك جميع طائراتها، تواجه كلفة باهظة نتيجة الرسوم على عقود التأجير الدولية. وقد تم بالفعل إبلاغ إحدى شركات الطيران بأن مدفوعات التأجير عبر مناطق التجارة الحرة لن تخضع للضريبة الجديدة.

التكامل العميق.. والمصالح المشتركة

لا تأتي هذه الخطوة من فراغ، بل تعكس واقعاً اقتصادياً لا يمكن تجاهله: التشابك العميق بين الاقتصادين الأميركي والصيني. فكما أعفت الولايات المتحدة في وقت سابق هذا الشهر بعض الإلكترونيات الصينية من رسومها البالغة 145%، فإن الصين تجد نفسها مضطرة لاتباع نهج مشابه، خاصة بعد أن شُلّت بعض الصناعات بفعل تصاعد الرسوم.

قائمة الإعفاءات الصينية لم تُعلن بعد بشكل رسمي، لكن تسريبات كشفت عن تداول قوائم تتضمن رموزًا جمركية لمواد كيميائية ومكونات أساسية في صناعة الرقائق. كما أشارت صحيفة "كايجينج" الصينية إلى أن بكين قد تعفي ثمانية منتجات مرتبطة بأشباه الموصلات، ما يفتح الباب لاحتمال تأثير هذه الخطوة على شركات مثل "ميكرون تكنولوجي" الأميركية.

تصعيد سياسي.. وتباطؤ في التفاوض

ورغم هذه المؤشرات الاقتصادية الإيجابية، لا تزال الأجواء السياسية متوترة. فقد طالبت بكين واشنطن علنًا، قبل أي تقدم في المفاوضات، بإلغاء كل الرسوم الأحادية الجانب. وبحسب تقارير، لم يستجب الرئيس شي جين بينج لمحاولة اتصال هاتفية من الرئيس ترمب، مفضلاً إبقاء قنوات التفاوض عند مستويات أدنى.

في المقابل، أقدمت إدارة ترمب على خطوة تهدئة حين أعفت مؤقتًا الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر ومكونات إلكترونية من الرسوم، ما اعتُبر تنازلًا لصالح عمالقة التكنولوجيا العالميين مثل "أبل" و"إنفيديا".

ختامًا، فإن الدراسة الصينية لإعفاءات جمركية تشي بأن الحرب التجارية ربما بلغت نقطة لا يمكن فيها الاستمرار دون خسائر فادحة للطرفين. وبين حسابات السوق ومصالح الأمن القومي، يبقى التساؤل الأهم: هل تُمهد هذه الخطوات لتسوية شاملة، أم أنها مجرد استراحة مؤقتة في صراع مفتوح؟.