اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

مفاوضات القاهرة.. حماس تطرح رؤية لصفقة شاملة وهدنة طويلة وسط ضغوط إقليمية ودولية

حماس
محمود المصري -

في خطوة تعكس تصاعد الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة، أعلنت حركة "حماس" الفلسطينية، مساء السبت، مغادرة وفدها العاصمة المصرية القاهرة بعد سلسلة من المشاورات المكثفة مع المسؤولين المصريين. ترأس الوفد محمد درويش، رئيس المجلس القيادي للحركة، وضم عدداً من قيادات الصف الأول.

وأفادت "حماس" في بيان رسمي أن المحادثات مع الجانب المصري تناولت بشكل موسع عدة قضايا جوهرية، في مقدمتها جهود تثبيت وقف إطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على غزة، إضافة إلى مناقشة رؤية الحركة لتحقيق صفقة شاملة.
تتمثل ملامح هذه الرؤية، بحسب البيان، في:

وقف شامل لإطلاق النار.

تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.

إدخال الإغاثة والمساعدات الإنسانية.

الشروع في إعادة إعمار قطاع غزة.


وأكد البيان أنه جرى التوافق مع الجانب المصري على أهمية تكثيف الجهود ومواصلة الاتصالات مع الأطراف المعنية لدفع هذه المبادرة إلى الأمام، مع التركيز على معالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعاني منها سكان غزة بعد أكثر من شهرين من الحصار المشدد ومنع دخول الغذاء والدواء.

وفي سياق متصل، صرّح طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، بأن الحركة "منفتحة على هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل"، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن حماس "غير مستعدة للتخلي عن سلاحها"، مما يعكس توازن الحركة بين الاستعداد السياسي للحلول المرحلية والتمسك بخياراتها الاستراتيجية.

على الجانب الآخر، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن تحركات موازية تمثلت في زيارة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي دافيد بارنياع إلى الدوحة، ما يدل على دور الوساطة القطرية في بلورة مبادرات الحل، إلى جانب الجهود المصرية التقليدية.

مقترح إقليمي جديد

تزامنت هذه التحركات مع تسريبات عن مقترح جديد يُنتظر أن تطرحه مصر وقطر، بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، على كل من "حماس" وإسرائيل.
وفق مصادر مطلعة، يهدف المقترح إلى تحقيق اتفاق شامل يشمل:

وقف العمليات العسكرية.

انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى مواقعه وفق تفاهمات يناير 2025.

إطلاق عملية تبادل للأسرى.

بدء إدخال المساعدات الإنسانية عبر آلية دولية متفق عليها.

التأسيس لهدنة تمتد بين 5 إلى 7 سنوات، بضمانات دولية وإقليمية تضمن التزام الطرفين بالاتفاق.


ويؤشر هذا المقترح إلى تحوّل في طبيعة المفاوضات من مجرد وقف إطلاق نار قصير الأمد إلى بناء ترتيبات أطول أمدًا وأكثر استقرارًا، وهو ما يمثل تحديًا لكل من "حماس" وإسرائيل، في ظل تشابك الاعتبارات السياسية والعسكرية والإنسانية.

تدهور الوضع الإنساني

في موازاة ذلك، يزداد الوضع الإنساني تفاقمًا في قطاع غزة، حيث أعلن برنامج الأغذية العالمي، الجمعة، عن نفاد مخزونه الغذائي المخصص للفلسطينيين، بعد 54 يومًا من الحصار الإسرائيلي المشدد.

في هذا السياق، تدخلت واشنطن بشكل لافت، حيث صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيادة حجم المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى غزة.


وشدد ترمب على ضرورة "أن نكون جيدين مع غزة"، مضيفًا أن "الناس هناك يعانون، وهناك حاجة ملحة للدواء والغذاء"، في إشارة إلى ازدياد الضغوط الدولية على إسرائيل لتخفيف معاناة سكان القطاع.


تدل هذه التطورات على أن الأزمة في غزة تدخل مرحلة حاسمة، حيث تتقاطع الإرادات الإقليمية والدولية حول ضرورة إنهاء الحرب، مع الحفاظ على توازن دقيق بين متطلبات الأمن الإسرائيلي ومطالب الفلسطينيين الإنسانية والسياسية.
رغم ذلك، تظل العقبات قائمة، خصوصًا في ظل تباين المواقف الجوهرية حول قضايا نزع السلاح وإعادة الإعمار، وهو ما يجعل نجاح هذه المبادرة رهنًا بمدى قدرة الوسطاء على تجاوز الفجوات العميقة بين الأطراف المتنازعة.