اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

أزمة البحر الأحمر.. التصعيد الأمريكي ضد الحوثيين بين أهداف الردع وتعقيدات الواقع العسكري

الحوثيين
محمود المصري -

تشهد الساحة اليمنية تصعيدًا عسكريًا كبيرًا منذ منتصف مارس 2025، مع إطلاق الولايات المتحدة عملية عسكرية موسعة ضد جماعة الحوثي تحت اسم "الراكب الخشن". وقد أكدت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) أن هذه العمليات تهدف إلى "استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وتعزيز الردع الأمريكي في المنطقة"، مع الحرص المتعمد على عدم الكشف عن تفاصيل الضربات حفاظًا على "أمن العمليات".
وبحسب البيانات الأمريكية، فإن الحملة أسفرت حتى الآن عن استهداف أكثر من 800 هدف حوثي، وتصفية مئات المقاتلين والقادة، لاسيما أولئك المرتبطين بتشغيل الصواريخ والطائرات المسيّرة.
كما دمّرت الضربات منشآت رئيسية مثل مراكز القيادة والسيطرة، وأنظمة الدفاع الجوي، ومرافق تصنيع الأسلحة، إضافةً إلى مستودعات تخزين تضم ترسانة متطورة تشمل صواريخ باليستية، وصواريخ كروز مضادة للسفن، وطائرات وسفن مسيّرة بدون طيار.

الآثار الإنسانية والتداعيات

رغم التأكيد الأمريكي على استهداف مواقع عسكرية حوثية، نقلت وسائل إعلام تابعة للحوثيين عن سقوط ضحايا مدنيين، بينهم أطفال ونساء، إثر قصف على منطقة ثقبان بمديرية بني الحارث شمال صنعاء.
كما استهدفت الضربات إصلاحية سجن صعدة الاحتياطي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من نزلاء مركز احتجاز مهاجرين أفارقة، ما أثار جدلًا واسعًا حول كُلفة هذه العمليات على المدنيين.

محاولة لفرض السيطرة

تشير البيانات الصادرة عن "سنتكوم" إلى تحقيق نتائج ملموسة، حيث انخفضت وتيرة الهجمات الحوثية بالصواريخ الباليستية بنسبة 69%، وهجمات الطائرات المسيّرة بنسبة 55%. وتم تدمير قدرة ميناء رأس عيسى على استقبال النفط، ما اعتُبر ضربة اقتصادية للحوثيين، لحرمانهم من مصادر تمويل أساسية.
وتتهم واشنطن إيران بمواصلة دعم الحوثيين عسكريًا، مؤكدة أن الجماعة لا يمكنها الاستمرار في شن الهجمات المعقدة دون دعم إيراني مباشر، وهو ما يعكس إصرار الولايات المتحدة على ربط التصعيد في البحر الأحمر بالمواجهة الأوسع مع طهران.

مؤشرات الإخفاق العسكري

في المقابل، تواجه العملية العسكرية الأمريكية تحديات متزايدة. فقد كشفت شبكة CNN أن الحوثيين نجحوا خلال الشهر الماضي في إسقاط ما لا يقل عن سبع طائرات مسيّرة أمريكية من طراز MQ9 Reaper، التي تُعدّ أساسية للمهام الاستخباراتية والاستطلاعية الدقيقة. ويُعد هذا التطور مؤشراً على تحسن قدرات الحوثيين الدفاعية، ما أبطأ خطط واشنطن للانتقال إلى مرحلة جديدة تركز على استهداف قيادات الجماعة بشكل أكثر تحديدًا.
ويبدو أن إخفاق الولايات المتحدة في فرض تفوق جوي سريع فوق اليمن يشير إلى أن المهمة أكثر تعقيدًا مما خُطط له، وأن الحوثيين باتوا يمتلكون خبرة متقدمة في التعامل مع التكنولوجيا الأمريكية، مما يهدد بإطالة أمد المواجهة ويُعقّد الجهود الرامية لتحقيق "الردع المستدام".

بدأت هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر أواخر 2023، مدعيةً دعمها للفلسطينيين في قطاع غزة. ومنذ ذلك الحين، توسع نطاق الاستهداف ليشمل سفنًا دولية وأمريكية، مما دفع واشنطن وحلفاءها إلى تكثيف العمليات العسكرية لحماية حرية الملاحة في واحد من أهم الممرات البحرية العالمية.