قمة القاهرة.. السيسي والبرهان يبحثان مستقبل السودان بين تحديات الحرب وآفاق الإعمار

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الاثنين، رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة رسمية تستمر ليوم واحد. وأكد بيان صادر عن رئاسة الجمهورية المصرية أن اللقاء يهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي، ودعم جهود استعادة الاستقرار والتنمية في السودان، إضافة إلى التشاور حول مستجدات عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
زيارة البرهان تأتي في وقت دقيق يمر فيه السودان بواحدة من أخطر أزماته الداخلية، بعد أكثر من عام من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). النزاع المسلح أدى إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، شملت تدمير قطاعات واسعة من البنية التحتية، ونزوح الملايين داخلياً وخارجياً، إلى جانب تدهور الأوضاع الاقتصادية والصحية.
وبحسب بيان صادر عن مجلس السيادة السوداني، فإن زيارة البرهان تهدف إلى إجراء مباحثات معمقة مع القيادة المصرية بشأن العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز الدعم العربي والإقليمي للسودان في ظل هذه المرحلة الحرجة. من المتوقع أن تركز المحادثات على ملفات الأمن الإقليمي، تنسيق الجهود الإنسانية، والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار ما بعد الحرب.
اللقاء بين السيسي والبرهان يأتي بعد آخر اجتماع جمعهما خلال المنتدى الحضاري العالمي الذي احتضنته القاهرة في نوفمبر الماضي. خلال ذلك اللقاء، شدد البرهان على تمسك الجيش السوداني والشعب بالحفاظ على الدولة ومؤسساتها، والتصدي لقوات "الدعم السريع" التي تم تصنيفها كتهديد مباشر لوحدة السودان وسيادته. كما أبدى البرهان، في تصريحاته السابقة، تطلعه إلى دور محوري للدول الشقيقة، وعلى رأسها مصر، في دعم خطط إعادة إعمار السودان وتنمية مجتمعه الحضري بمجرد توقف العمليات العسكرية.
تشير هذه الزيارة إلى محورية الدور المصري في الملف السوداني، سواء من خلال احتضان الحوار السياسي أو تقديم الدعم الإنساني واللوجستي. فمصر، باعتبارها دولة جارة ولها حدود ممتدة مع السودان، تدرك أن استمرار الأزمة يشكل تهديداً مباشراً على أمنها القومي، خصوصاً في ظل تدفق اللاجئين، وتصاعد التوترات المسلحة على حدودها الجنوبية.
في المجمل، تحمل زيارة البرهان إلى القاهرة عدة رسائل؛ فهي تأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، واستجداء لدور إقليمي أكثر فعالية في وقف النزيف السوداني، وإعلان عن إرادة سياسية سودانية لبدء مرحلة جديدة عنوانها "إعادة بناء الدولة" بعد أن تضع الحرب أوزارها.
ومع ذلك، تبقى التحديات جسيمة، إذ لا تزال العمليات العسكرية مشتعلة، والمشهد السياسي معقداً بسبب الانقسامات الداخلية، والضغوط الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار والبدء بعملية سياسية شاملة.