الإغاثة تحت النار.. خطة تجريبية أمريكية في غزة تثير جدلًا حول الأمن والفعالية

في خطوة مثيرة للجدل وسط تصاعد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلًا عن مصادر مطلعة، عن قرب إطلاق خطة تجريبية تهدف إلى تعزيز جهود الإغاثة الإنسانية، بمشاركة شركات أمريكية خاصة، وبتحديد في جنوب قطاع غزة.
رغم الإعلان، يحيط بالغموض تفاصيل تنفيذ الخطة على أرض الواقع. فبحسب الصحيفة، يواجه المشروع تساؤلات حقيقية تتعلق بآليات التطبيق، في ظل بيئة معقدة تتسم بانعدام الأمن والاستقرار، وانتشار الفوضى الناجمة عن العمليات العسكرية المستمرة.
تشير التحديات اللوجستية إلى أن إدخال شركات خاصة إلى منطقة نزاع نشطة سيزيد من تعقيد المشهد، سواء من ناحية تأمين طواقم الإغاثة أو ضمان وصول المساعدات إلى الفئات المستهدفة دون تدخلات سياسية أو عسكرية.
من جهته، عبّر الجيش الإسرائيلي عن تحفظه تجاه هذه الخطة، مفضلًا استمرار التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية التقليدية التي تولت توزيع المساعدات منذ بداية الحرب. ويعكس هذا الموقف الإسرائيلي مخاوف من أن تؤدي مشاركة أطراف جديدة، لا تملك الخبرة الكافية في العمل الإنساني في بيئات النزاع، إلى عرقلة جهود الإغاثة أو استغلالها سياسيًا.
خلفية الأزمة
تشهد غزة، خاصة منذ تفجر الحرب الأخيرة، وضعًا إنسانيًا بالغ الخطورة، مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الصحية، ونقص حاد في الغذاء والمياه والدواء. وتزداد الحاجة إلى حلول عاجلة لإيصال المساعدات، غير أن العمليات العسكرية المكثفة والقيود المفروضة على المعابر تعرقل هذه الجهود.
أبعاد الخطة الجديدة
الفرصة: قد تمثل الخطة مدخلًا لزيادة تدفق المساعدات، باستخدام موارد وخبرات القطاع الخاص الأمريكي في مجالات الإمداد والإدارة.
التحديات: تشمل المخاوف الأمنية، ومخاطر استهداف قوافل الإغاثة، وتعقيدات التنسيق مع السلطات المختلفة، إضافة إلى احتمال تسييس الجهود الإنسانية.
السيناريوهات المحتملة: إذا نجحت الخطة، قد تعاد صياغة نموذج الإغاثة الدولية في مناطق النزاع لتشمل شراكات بين القطاعين العام والخاص. أما في حال فشلها، فقد تعمق حالة الفوضى الإنسانية وتضعف الثقة في المبادرات المستقبلية.
تعكس هذه المبادرة التوتر القائم بين الحاجة الملحة للإغاثة من جهة، والرغبة في السيطرة على قنوات الدعم الإنساني من جهة أخرى. وتبقى النتائج رهينة بقدرة الخطة على التكيف مع الواقع الميداني بالغ التعقيد في غزة، وسط شكوك واسعة من جميع الأطراف المعنية.
مجازر الاحتلال بحق المدنيين
يشهد قطاع غزة منذ فجر اليوم الاثنين تصعيدًا عسكريًا عنيفًا من قِبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وسط استمرار القصف المكثف على مختلف أنحاء القطاع المنكوب.
ووفق ما أفادت به مصادر طبية ومراسلون ميدانيون، فإن مجازر الاحتلال تواصلت بوتيرة متصاعدة، حيث ارتقى ثمانية شهداء في قصف استهدف منزل عائلة كوارع في خان يونس، فيما استشهد مواطنان آخران جراء قصف آخر على مخيم الشافعي غرب المدينة. وفي شمال القطاع، ارتكب الاحتلال مجزرة إضافية باستهداف منزل غرب مخيم جباليا، مما أدى إلى استشهاد عشرة مواطنين. كما قصف الاحتلال منزلا غرب مدينة بيت لاهيا، أدى إلى استشهاد ستة مواطنين وإصابة آخرين بجراح متفاوتة.
تُشير التقارير الطبية إلى أن أكثر من 65% من الضحايا الذين قضوا في هذا العدوان ينتمون إلى الفئات الأكثر ضعفًا: الأطفال، النساء، وكبار السن. هذا القصف المنهجي والعشوائي أسفر عن مذبحة بحق المدنيين الأبرياء، إذ تم تسجيل استشهاد أكثر من 18,000 طفل، وأكثر من 12,400 امرأة، إضافة إلى إبادة كاملة لأكثر من 2,180 عائلة، حيث قُتل الأب والأم وكافة أفراد الأسرة. كما سُجل تدمير شبه كامل لخمسة آلاف عائلة فلسطينية أخرى لم يتبقَّ منها سوى ناجٍ واحد.
لم تقتصر جرائم الاحتلال على المدنيين العُزّل، بل امتدت لتطال الطواقم الطبية والإنسانية والإعلامية. فقد استشهد أكثر من 1,400 طبيب وكادر صحي أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني، بالإضافة إلى 113 من أفراد الدفاع المدني خلال عمليات الإنقاذ. وفي محاولات مفضوحة لإسكات الحقيقة، قتل الاحتلال بدم بارد نحو 212 صحفيًا في مختلف مناطق القطاع.