تفجيرات البيجر في لبنان.. كشف الحساب الدموي بين نتنياهو وحزب الله

في تطور لافت، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفاصيل جديدة حول واحدة من العمليات الأمنية الأكثر إثارة للجدل في عام 2024، والمتعلقة بتفجير أجهزة اتصال كان يستخدمها عناصر "حزب الله" اللبناني. جاءت تصريحاته خلال مشاركته في مؤتمر نظمته وكالة Jewish News Syndicate الأمريكية-اليهودية، حيث استعرض خلفيات القرار الذي اتخذته حكومته بشأن استهداف تلك الأجهزة.
وأوضح نتنياهو أن العملية بدأت باكتشاف محاولات لنقل جهاز خاص بفحص المتفجرات من إيران إلى لبنان لاختبار أجهزة النداء اللاسلكي "البيجر" وأجهزة الاتصال "ووكي توكي". وأضاف أنه حين علم بأن عملية الفحص يمكن أن تكتمل خلال يوم واحد فقط، أمر باتخاذ إجراء عاجل لتفجير الأجهزة قبل إتمام الاختبارات، في خطوة استباقية لمنع استخدامها المحتمل في عمليات ضد إسرائيل.
سخرية نتنياهو
وخلال حديثه، لم يتردد نتنياهو في السخرية من وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت ورئيس الأركان السابق هرتسي هليفي. فقد أشار إلى أنه خدعهما عمدًا بالإيحاء بنيته إبلاغ الجانب الأمريكي قبيل تنفيذ عملية اغتيال ضد أمين عام "حزب الله" السابق حسن نصر الله، في حين أنه لم يكن يعتزم فعليًا القيام بذلك. واعتبر أن هذا الإيحاء خفف من معارضتهما لأي تصعيد فوري.
وتعود تفاصيل الأزمة إلى 17 و18 سبتمبر 2024، عندما اهتز لبنان بسلسلة من التفجيرات المتزامنة التي استهدفت أجهزة الاتصال المذكورة. ورغم أن الهدف المعلن كان كوادر "حزب الله"، إلا أن التفجيرات خلفت تداعيات مروعة؛ إذ أدت إلى مقتل عدد من المدنيين وإصابة الآلاف، من بينهم أطفال ونساء، في مناطق مكتظة مثل شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت ومحال تجارية، بل وحتى جنازة كانت تُقام حينها.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن بعض الأجهزة المفخخة وصلت عن غير قصد إلى مدنيين، بمن فيهم عاملون في القطاع الصحي ومتطوعون في منظمات غير ربحية، مما ضاعف من حجم الكارثة الإنسانية الناتجة عن العملية. وذكرت مصادر أن التفجيرات نفذت عبر أجهزة تحكم عن بُعد، ما أتاح تنفيذها بدقة متناهية دون الحاجة إلى وجود عناصر ميدانية.
وفي نوفمبر 2024، أنهى نتنياهو الجدل الدائر حين اعترف رسميًا بمسؤولية إسرائيل الكاملة عن العملية، ما أثار موجة غضب دولي وانتقادات حقوقية واسعة، خاصة بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمدنيين.
تحليل أعمق للأزمة
تكشف هذه العملية عن تحولات خطيرة في قواعد الاشتباك بين إسرائيل و"حزب الله"، حيث انتقلت إسرائيل إلى سياسة الضربات الاستباقية الذكية التي تستهدف أدوات الاتصال والبنية التحتية، لكنها في الوقت ذاته أثارت إشكاليات أخلاقية وقانونية حول استهداف الأصول المزدوجة التي يستخدمها المسلحون والمدنيون على حد سواء.
كما أن توقيت العملية، في ظل التصعيد الإقليمي وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا في الصراع، يؤكد أن الحروب القادمة لن تقتصر على ساحات القتال التقليدية، بل ستمتد إلى "الحروب الرقمية والهجينة"، حيث يصبح التفوق الاستخباراتي والتكنولوجي عاملاً حاسمًا في رسم نتائج النزاعات.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستدفع هذه العملية "حزب الله" إلى تطوير أنظمة اتصال أكثر أمانًا وعزلها عن الاستخدام المدني؟ أم أن الضغوط الدولية ستؤدي إلى إعادة صياغة قواعد الاشتباك لحماية المدنيين؟.