عالم أزهري لأئمة ألمانيا: الجهل يقف وراء فوضى الفتوى الإلكترونية

أكد الدكتور أحمد بيبرس، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن مسألة الإفتاء ليست علما بسيطا، وليس كل داعية له الحق في الفتوى، كونه علم دقيق ينبغي أن لا يتصدى له إلا المتخصصون فيه، أولئك الذين قضوا أعمارهم في دراسة الفقه وأصوله، والفقه المقارن والمعاصر، وألموا باللغة العربية التي نزل بها الوحي، وعرفوا مقاصد الشريعة وأسباب النزول، مؤكدا أن هذا كله يكون عقلية فقهية واعية ومدركة لأهمية الفتوى.
وأوضج بيبرس، خلال محاضرة له لعدد ٣٢ متدربا وباحث فتوى، من دولة ألمانيا، تحت عنوان: "فوضى الفتوى الإلكترونية"، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، ضمن الدورة التي تعقدها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، بالتعاون مع أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، أن الفضاء الإلكتروني فتح الطريق أمام الجميع أن يتحدثوا في كل القضايا وكل التخصصات، ومن هنا تفشت ظاهرة فوضى الفتوى الإلكترونية، التي يتصدر لها غير المتخصصين، منوها إلى أنها نشأت عن الجهل والتعصب للرأي، مع عدم إدراك فقه الواقع، وهو أمر ينافي الضوابط الفقهية التي نبه عليها كبار الفقهاء المعتبرين، مؤكدا أن الفقهاء الأربعة ضربوا لنا نموذجا مثاليا للاختلاف في الرأي، واصفا ذلك بأنه هو الاختلاف المبني على الرسوخ في العلم.
ولفت بيبرس، إلى أهمية الدور الذي يقوم به مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في محاربة فوضى الفتوى الإلكترونية، وتصديره للفتوى الإلكترونية السليمة التي يصدرها مجموعة من المتخصصين الملمين بعلوم الدين والدنيا، ناصحا الجميع بأن لا يأخذوا الفتوى إلا من العلماء المتخصصين، سواء أكان ذلك شفيها أو إلكترونيا.
ويذكر أنه في وقت سابق قد حذر أمين عام هيئة كبار العلماء عباس شومان، في ندوة نظمتها دار الإفتاء المصرية، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحت عنوان "الفتوى والإعلام: شراكة في بناء الوعي ومسؤولية مشتركة"، أن الكثير من الناس لا يدركون حجم خطورة الفتوى، ويظنون أن أي شخص يمكنه إصدارها، وهو ما يعد مخالفًا للمبدأ الشرعي، مؤكدا في الوقت نفسه أن الأزهر الشريف لا يسعى للهيمنة على الفتوى، بل يهدف إلى توضيح الأحكام الشرعية وتقديمها للأمة، مع ترك الحرية للأفراد في اختيار ما يناسبهم من بين الخيارات المتاحة بناءً على علم صحيح.
وحذر "شومان" من خطورة تصدي غير المؤهلين للفتوى، لافتا إلى ضرورة أن يتسم المفتي بفهم عميق وعلمي، ودراسة متعمقة للفتوى حتى يصبح مؤهلا بشكل علمي وصحيح للفتوى، منوها على أن الداعية يجب أن واعيا وفاهما للعلوم الشرعية قبل إصدار أي رأي شرعي/ أو فتوى عبر وسائل الإعلام المختلفة.