خبراء: اقتراح تهجير سكان غزة جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي

أجمع الخبراء على أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير سكان غزة تمثل تحولًا خطيرًا في السياسة الأمريكية وتكشف عن نوايا المشروع الصهيوني، محذرين من تداعياته السلبية على المنطقة، إذ أنها تخالف القانون الدولي.
وأكد الخبراء أن التهجير القسري الذي يريده ترامب هو عملية نقل الأفراد أو الجماعات من أماكن إقامتهم الأصلية إلى مناطق أخرى بالقوة أو التهديد، ويعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي، خاصة إذا تم بشكل منهجي.
في هذا السياق أكد الدكتور أحمد جلال، أستاذ العلوم السياسية في کلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، أن اتفاقيات جنيف، التي تشكل أساسًا لحماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، تحظر التهجير القسري.
وأضاف في تصريحات لـ اتحاد العالم الإسلامي أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة على منع النقل القسري للمدنيين في المناطق المحتلة، فيما تعتبر المادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول التهجير القسري انتهاكًا جسيمًا كما يُعد إبعاد المدنيين جزءًا من هجوم منهجي ضدهم جريمة ضد الإنسانية وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأكد أن ميثاق الأمم المتحدة تضمن نصوصًا تمنع استخدام القوة لتهجير السكان، وتدعو إلى احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها. كما تنص المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق الأفراد في حرية التنقل.
ورغم وجود بعض الاستثناءات في الحالات الضرورية للأمن أو الأسباب العسكرية، تظل الاتفاقات الدولية تُدين التهجير القسري وتؤكد على عدم جواز نقله خارج الأراضي المحتلة إلا في الحالات الاستثنائية.
وأشار إلى وجود أمثلة على التهجير القسري تشمل:
تهجير الفلسطينيين منذ النكبة 1948، حيث أكدت الأمم المتحدة على حق العودة، والتهجير القسري للروهينغا، الذي قوبل بإدانة من المحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى محاكمة المسؤولين عن تهجير قسري في يوغوسلافيا السابقة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف جلال، أن مصطلح "التطهير العرقي" ظهر لأول مرة في وسائل الإعلام الدولية بعد تفكك يوغوسلافيا في التسعينيات، حيث تم استخدامه لوصف حالات تهجير جماعي معينة وفي عام 1993، أشار فريق من خبراء الأمم المتحدة إلى أن المصطلح يعني "محاولة خلق منطقة عرقية متجانسة عن طريق إخلائها من مجموعة عرقية معينة باستخدام القوة المسلحة أو التهديد أو الترحيل القسري أو الاضطهاد، أو محو الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية عبر القضاء عليها أو دمجها في المجتمع الإثني المرغوب".
على الرغم من أن "التطهير العرقي" لا يُعتبر جريمة محددة بموجب القانون الدولي، إلا أن معظم الأفعال التي تندرج تحته تُعد جرائم بموجب قوانين دولية، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وربما الإبادة الجماعية.
ورغم أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا طرفين في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، انضمت السلطة الفلسطينية إلى المحكمة في عام 2015، ما يمنحها الاختصاص القضائي على الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك في قطاع غزة.
جريمة حرب
وفي هذا السياق أوضح الباحث في القانون الدولي، الدكتور هشام زوين، أنه في النزاعات المسلحة الدولية، يحظر ترحيل الأشخاص المحميين أو نقلهم قسراً، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة. إذ تحظر الاتفاقية النقل الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي القوة المحتلة أو أي دولة أخرى، سواء كانت محتلة أو غير محتلة.
وأضاف زوين في تصريحات لـ "اتحاد العالم الاسلامي" أنه في بعض الحالات قد يسمح للقوة المحتلة بإخلاء منطقة معينة جزئيًا أو كليًا، لكن ذلك يجب أن يكون لأسباب تتعلق بسلامة السكان أو لأسباب عسكرية ملحة. ويجب إعادة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بمجرد انتهاء الأعمال العدائية.
وأكد أن النقل القسري، سواء كان فرديًا أو جماعيًا، يعد انتهاكًا خطيرًا لاتفاقيات جنيف، مما يستوجب محاكمة المسؤولين عن هذه الأفعال في محاكم دولهم.
وأشار إلى الفرق بين "الترحيل" الذي يعني نقل الأفراد عبر الحدود الدولية، و"النقل" الذي يتم داخل الأراضي المحتلة. كما لفت إلى أنه في حالات خاصة مثل الأوبئة، قد يكون إرجاع السكان إلى مناطقهم مخاطرة صحية.
وفي الختام، وصف زوين اقتراح ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة بأنه غير مسؤول، وأنه يمثل تهديدًا للعملية السلمية في المنطقة. وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يترك أرضه مهما كان الثمن، داعيًا المجتمع الدولي للوقوف ضد هذه القرارات التي تهدد استقرار المنطقة والعالم.