استقالة مساعد الرئيس الإيراني.. ضغوط سياسية أم انتصار للقانون؟

أثارت استقالة محمد جواد ظريف من منصب مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية جدلاً واسعاً، خاصة بعد تأكيده أن قراره جاء بناءً على "نصيحة" من رئيس السلطة القضائية. ورغم إصراره على أنه ليس ممن "يهربون من التحديات"، إلا أن الظروف المحيطة بهذه الاستقالة تشير إلى تعقيدات سياسية وقانونية تعصف بحكومة الرئيس مسعود بيزشكيان.
ورغم عدم صدور إعلان رسمي من الحكومة الإيرانية، أكدت وكالة "إرنا" أن ظريف قدّم استقالته للرئيس، بينما لم يرد بيزشكيان بعد. في المقابل، جاءت تصريحات ظريف عبر منصة "إكس" لتوضح طبيعة الضغوط التي تعرض لها، حيث أشار إلى "الإهانات والافتراءات" التي طالته وأسرته في الأشهر الأخيرة، حتى من داخل الحكومة نفسها.
ظريف، الذي لعب دوراً محورياً في إنهاء الملف النووي الإيراني والمفاوضات الدبلوماسية الدولية، لمّح إلى أن رحيله قد يكون مخرجاً لتخفيف الضغوط على الحكومة. وأوضح أنه التقى رئيس السلطة القضائية بناءً على دعوة الأخير، الذي أبلغه بأن الظروف الحالية تحتم عليه العودة إلى الجامعة "لتجنب المزيد من الضغوط على الحكومة".
لكن البعد القانوني للاستقالة لا يمكن تجاهله. فقد أشارت شبكة "إيران إنترناشيونال" إلى أن اثنين من أبناء ظريف يحملان الجنسية الأميركية، مما قد يشكل انتهاكاً لقانون الوظائف الحساسة، الصادر في أكتوبر 2022، والذي يحظر تعيين مسؤولين يحمل أفراد من أسرهم جنسية مزدوجة في مناصب حساسة.
ويأتي رحيل ظريف بعد ساعات من إقالة وزير الاقتصاد عبد الناصر همتي، الذي حجب البرلمان الثقة عنه بسبب سوء إدارته للملف الاقتصادي وانخفاض قيمة العملة الوطنية. ورغم محاولة وكالة "تسنيم" الإيرانية الفصل بين استقالة ظريف وإقالة همتي، فإن الحدثين يعكسان اضطرابات داخل الحكومة التي لم تُكمل عاماً في السلطة بعد.
هذه الاستقالة تطرح تساؤلات حول مستقبل حكومة بيزشكيان، وما إذا كانت هذه التغييرات تخفف الضغوط عنها أم أنها مجرد بداية لموجة جديدة من الخلافات داخل النظام الإيراني.
وكان ظريف كتب عبر منصة "إكس"، الاثنين، رسالة إلى الشعب الإيراني قائلاً: "أشكر الله تعالى أن منحني الفرصة لتقديم ما بوسعي في الأشهر التسعة الماضية لتحقيق إرادة الأمة وخدمة الشعب.. ورغم أنني واجهت أغرب الإهانات والافتراءات والتهديدات ضد نفسي وعائلتي في الأشهر الستة الماضية، بل وحتى داخل الحكومة، فقد قضيت أربعين عاماً من الخدمة المريرة، إلا أنني ثابرت على أمل الخدمة".
وأضاف: "لم أكن ولن أكون ممن يهربون من المشاق والصعوبات في طريق خدمة هذه الأرض والوطن، وفي الأربعين عاماً الماضية أو نحو ذلك، تحملت الكثير من الإهانات والافتراءات بسبب الدور الصغير الذي لعبته في تعزيز المصالح الوطنية، من إنهاء الحرب المفروضة إلى إنهاء الملف النووي، وحبست أنفاسي لمنع مصالح البلاد من التضرر بسيل من الأكاذيب والتحريفات".
وأوضح أنه زار رئيس السلطة القضائية، أمس الأحد، بناء على دعوته، "وبالإشارة إلى ظروف البلاد، أوصاني بالعودة إلى الجامعة لمنع المزيد من الضغوط على الحكومة".
وأضاف ظريف أنه وافق على الفور، قائلاً: "كنت أرغب دائماً في أن أكون صديقاً وليس عبئاً"، مشيراً إلى أنه يأمل أن يؤدي تنحيه عن المنصب إلى إنهاء "الأعذار التي كانت تمنع إرادة الشعب ونجاح الحكومة".