خلافات سياسية تُهدّد المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا
باتت المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ومعظمها من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تخضع لتجاذبات سياسية، الأمر الذي أدّى إلى تباطؤ شديد في تقديم التزامات جديدة.
وتواجه حزمات مساعدات أوروبية وأمريكية إضافية عراقيل عدّة، ما أدى إلى تراجُع التعهّدات الجديدة بالمساعدات (العسكرية والإنسانية والمالية) إلى أدنى مستوى لها منذ بداية الحرب منذُ شهر شباط/فبراير من عام 2022، وفقاً للبيانات الصادرة حتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن معهد الأبحاث الألمانية "كييل".
في ما يتعلق بالمساعدات العسكرية وحدها، التزمت دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بحوالي 100 مليار يورو في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وفقاً للمعهد الذي يحصي الأسلحة التي وُعدت بها أوكرانيا وتمّ تسليمها منذ الغزو.
وتعهّدت الدول الأوروبية (في الاتحاد وخارجه) بمبلغ 51,5 مليار دولار، بينما تعهّدت الولايات المتحدة بمبلغ 43,9 مليار دولار، لكنّ الوعود الأوروبية وُزّعت على سنوات عدة، في حين تمّ الوفاء بوعود الولايات المتحدة كلّها أو سيتمّ الوفاء بها في غضون عام، وبالنسبة للوعود قصيرة الأجل (في غضون 12 شهراً)، فإنّ أوروبا التي خصّصت مبلغ 36,3 يورو، تتخلّف عن الولايات المتحدة.
وعلى صعيد الدول، تحلّ الولايات المتحدة في المرتبة الأولى تليها ألمانيا (17,1 مليار، بما في ذلك 6,6 مليار على المدى القصير) والمملكة المتحدة (6,6 مليار على المدى القصير)، وأعلنت برلين عن حزمة مساعدات بقيمة 1,3 مليار يورو في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ومثل دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا)، بذلت غالبية الدول المتاخمة للبلدين المتحاربين جهوداً كبيرة في مجال الميزانية، لكنّها لم تعد موحّدة.
من جهتها، شهدت بولندا التي تعدّ من أوائل الداعمين لأوكرانيا، تدهورا في علاقاتها مع كييف التي تتهمها بالمنافسة غير العادلة خصوصا في مجال الحبوب.
ولا تضمن وارسو الآن سوى تسليم الأسلحة "المتفق عليها سابقاً" مع كييف، لكنّ احتمال تشكيل حكومة جديدة مؤيّدة لأوروبا، في حال لم تحصل حكومة الأقلية التي شكّلها اليمين القومي الشعبوي في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، على ثقة البرلمان، يمكن أن يؤدّي إلى تغيير المعطيات.
يؤدي إحجام بعض الدول الأوروبية عن دفع المزيد من الأموال، إلى تعقيد عملية البحث عن إجماع على مستوى الاتحاد الأوروبي بشأن تمويل جديد.
وقد تمّ حظر حزمة بقيمة 20 مليار يورو على مدى 4 سنوات مقترحة من قبل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، تماماً مثل مبلغ 50 مليارا لتعزيز الدعم القاري لأوكرانيا.
أما الحزمة الأمريكية الجديدة، فهي تواجه عراقيل في الكونغرس من قبل المشرّعين الجمهوريين.
ونتيجة لذلك، خلال الـ4 من شهر آب/أغسطس الماضي إلى شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تراجعت الوعود بمساعدات جديدة لأوكرانيا، بما في ذلك مساعدات إنسانية ومالية بنسبة 90% تقريباً إلى 2,11 مليار يورو مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022، وباتت المساعدات تعتمد بشكل متزايد على عدد محدود من الدول.
في بداية النزاع، وفي مواجهة التقدّم الخاطف للقوات الروسية، تلقّت كييف بشكل عاجل كميات ضخمة من الأسلحة الخفيفة، واعتباراً من شهر نيسان/أبريل، عندما كان الجيش الروسي يركّز جهوده على دونباس والجنوب، بدأت كييف تتلقى أسلحة تطال خلف خطوط العدو (مدافع هاوتزر، قاذفات صواريخ متعدّدة، مروحيات قتالية، طائرات بدون طيار).
وبعد ذلك، قام حلفاء أوكرانيا بتسليمها أنظمة دفاع مضادة للصواريخ، منها باتريوت أمريكية، لمواجهة الهجمات على البنية التحتية والمدن.
وفي بداية العام 2023، وللخروج من حرب الخنادق في الشرق، حصلت كييف على دبابات ثقيلة حديثة: أبرامز الأمريكية (التي تمّ تسليمها منذ نهاية شهر أيلول/سبتمبر)، ودبابات تشالنجر البريطانية، وخصوصاً دبابات ليوبارد الألمانية المعروفة بأنّها من بين الأفضل في العالم، ووفقاً لمعهد كييل، فقد تمّ التعهّد بتوريد 265 دبابة، تمّ تسليم 150 منها على الأقل بحلول نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر.
وبينما بدأت أوكرانيا هجوماً مضاداً صعباً في شهر حزيران/يونيو، فقد حصلت على صواريخ بعيدة المدى من حلفائها: ستورم شادو/سكالب (مدى 250 كيلومتراً) سلّمتها المملكة المتحدة وفرنسا اعتباراً من شهر أيار/مايو، ثم استُخدمت صواريخ ATACMS الأمريكية (مدى 165 كيلومتراً) لأول مرة من قبل أوكرانيا في تشرين الأول/أكتوبر.
وبعد الحصول على ضوء أخضر من واشنطن، التزمت هولندا والدنمارك في شهر آب/أغسطس بتسليم 61 مقاتلة أمريكية من طراز "إف-16"، ثمّ تبعتهما النرويج.
وبدأ تدريب الطيارين الذي يقدّمه تحالف مكوّن من 11 دولة، كما تمّ افتتاح مركز تدريب في منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر في رومانيا حيث وصلت أول خمس طائرات من طراز "إف-16" من هولندا.