الشهيد الطائر.. جعفر ابن أبي طالب حامل الراية الذي نصر الإسلام
حياة جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- ابن عم الرسول الله -صلى الله عليه وسلم، الذي وُصف بأنه شبيه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في الخلق والخلق، وذلك وفقًا للحديث الصحيح. وقد تمثل جعفر بن أبي طالب في الصف الأول من المهاجرين الصادقين والمجاهدين الذين أثبتوا شجاعتهم في الغزوات.
أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة، حيث عهد إليه بالإمارة في حالة استشهاد زيد بن حارثة رضي الله عنهما جميعًا. وقد أظهر جعفر بن أبي طالب براعة فائقة في ذلك الغزو المشهود، حيث أخذ قيادة الراية بعد استشهاد أميره زيد بن حارثة، وظل ممسكًا بها بإصرار حتى لحظة استشهاده رضي الله تعالى عنه.
فأمسك جعفر بن أبي طالب الراية وقاتل وعندما أخذها بيمينه أصيبت فأخذها بشماله، فلما أصيبت أخذها بعضديه، فلم يزل ممسكاً لها مقبلاً غير مدبر حتى استشهد رضي الله تعالى عنه.
وقال أهل السير: إنه وُجد فيما أقبل من جسده بضع وتسعون ما بين طعنة ورمية، وقد اقتحم عن فرس له شقراء في ذلك اليوم، فعقرها ثم قاتل حتى قتل.
وقال ابن إسحاق أنه أول من عقر في الإسلام، وقال:
يـا حبـذا الجنـة واقترابهـا ==== طيبــة وبــارد شـرابهـا
والروم روم قد دنا عذابها ==== عليّ إن لاقيتها ضرابها
وقد عوضه الله تعالى عن يديه اللتين أصيبتا يومئذ جناحين يطير بهما في الجنة مع الملائكة، فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأسماء بنت عميس قريبة منه إذ رد السلام، ثم قال: "يا أسماء هذا جعفر بن أبي طالب مع جبريل وميكائيل وإسرافيل سلموا علينا فردي عليهم السلام، وقد أخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا قبل ممره على رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أو أربع، فقال: لقيت المشركين فأصبت في جسدي من مقاديمي ثلاثا وسبعين بين رمية وطعنة وضربة، ثم أخذت اللواء بيدي اليمنى فقطعت، ثم أخذت بيدي اليسرى فقطعت، فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل أنزل من الجنة حيث شئت، وآكل من ثمارها ما شئت، فقالت: أسماء هينئاً لجعفر ما رزقه الله من الخير، ولكن أخاف أن لا يصدق الناس فاصعد المنبر أخبر به، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس إن جعفر مع جبريل وميكائيل، له جناحان عوضه الله من يديه سلم علي، ثم أخبرهم كيف كان أمره حيث لقي المشركين، فاستبان للناس بعد اليوم الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جعفر لقيهم، فلذلك سمي الطيار في الجنة"