اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

المحكمة الإسلامية الدولية.. حلم يبحث عمن يحققه

تعبيرية
تعبيرية

الدكتور جاد الزغبي: هل تستطيع محاكمة مرتكبي جرائم الحرب في فلسطين الآن؟

الدكتور عادل عامر خبير القانون الدولي: فكرة تأسيس محكمة إسلامية موحدة ستكون ورقة ضعط دولية لصالحنا

عيد البنا -أحد علماء الأزهر: تدشين محكمة عدل إسلامية دولية هذا وقتها المناسب

ستظل فكرة وجود كيان يجمع ويعمل على تعزيز وحدة الدول الإسلامية، حلمًا يرواد الكثير من علمائنا؛ لأن الوحدة قوة، فلم تستمد أوروبا قوتها إلا من وحدتها في كيان الاتحاد الأوربي، وحلمنا في هذا التقرير يتجسد في إنشاء كيان تحت عنوان "المحكمة الإسلامية الدولية"، تعتني وتهتم بكل القضايا المرتبطة بدول العالم الإسلامي، ولا سيما القضايا التي تهدد كيان دول بكاملها مثل دولة فلسطين وما تشهده من إبادة وتطهير عرقي على مرأى ومسمع من العالم، فنجد أصواتًا تنادي بضرورة تقديم ملف كامل عن جرائم الاحتلال في فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولكن يعلم الجميع أن هذه المحكمة تتعرض لضغط كبير لعدم النظر في قضايا تمس العالم الإسلامي، فكانت فكرة إنشاء محكمة إسلامية دولية تتولى قضايا العالم الإسلامي والحكم فيها.

والتقى "موقع اتحاد العالم الإسلامي" عددًا من الخبراء والقانونيين الدوليين، للوقوف حول إمكانية إنشاء وتفعيل هذا المشروع الضخم؛ فقد طالب الخبراء وجميع المجالس والمحافل والقضاة والعلماء بإنشاء، المحكمة الإسلامية الدولية، كي تكون هي المرجع الأول والأخير والأساسي في التقاضي الدولي وخصوصًا محاكمة الصهاينة أصحاب الجرائم ومجاز الإبادة والتطهير العرقي، على أن تكون الدول الإسلامية هي الأعضاء الدائمة في تلك المحكمة، وأن تكون تحت البنود والضوابط الإسلامية رافضة مجلس الأمن الدولي الذي دائمًا ما يتخاذل أمام قضايا الدول الإسلامية، كما شدد الخبراء على أن تكون جميع قرارتها قابلة للتنفيذ.

محكمة العدل الإسلامية الدولية

في مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد في مكة المُكرمة عام ١٩٨١م. صدر قرار رقم ٣/١١ س (ق أ) بشأن إنشاء "محكمة العدل الإسلامية الدولية" لتكون فيصلًا للنزاع الناشئ بين الأعضاء، حيث نص النظام الأساسي للمحكمة في مادته الأولى "أن تكون المحكمة الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي"، وجعل مقرها مدينة الكويت إلا أنه يجوز عند الضرورة أن تعقد جلساتها في أي دولة من أعضاء المنظمة وذلك وفقًا للمادة الثانية من النظام الأساسي للمحكمة.

وجاء في نص القرار أن تتألف "محكمة العدل الإسلامية الدولية" من سبعة قضاة، ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ولا يجوز انتخاب أكثر من عضو من رعايا دولة واحدة، فإذا انتُخب عضو يحمل أكثر من جنسية من بين جنسيات الدول الأعضاء، عُد من جنسية الدولة التي يمارس فيها حقوقه المدنية والسياسية، وذلك وفقًا للمادة الثالثة من النظام الأساسي للمحكمة.

كما اشترطت المادة الرابعة من النظام ذاته أن يتوافر في المرشح لمنصب القاضي عدة شروط: أن يكون مُسلمًا عدلًا من ذوي الصفات الأخلاقية العالية، وأن يكون من رعايا إحدى الدول الأعضاء في المنظمة، وألَّا يقل عمره عن أربعين عامًا، كما يجب أن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلًا للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء والقضاء في بلاده.

ويجب أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي الذي تستند إليه "محكمة العدل الإسلامية الدولية" في أحكامها، على أن تسترشد المحكمة بالقانون الدولي والاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف أو العرف الدولي المعمول به أو المبادئ العامة للقانون أو الأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية.

وقد حدد النظام الأساسي لـ"محكمة العدل الإسلامية الدولية"، في مادته ٢١، أن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، هي وحدها صاحبة الحق في التقاضي أمام المحكمة. كما أضافت المادة في الفقرة الثانية، أن الدول غير الأعضاء لها الحق أيضًا في اللجوء إلى المحكمة للنظر في المنازعات، التي تكون أطرافًا فيها، وذلك بشرطين، أولًا: موافقة وزراء الخارجية، ثانيًا: إعلان الدول غير الأعضاء قبولها مقدمًا اختصاص المحكمة والتزامها بأحكامها، كما تقوم المحكمة بتقدير ما تدفعه هذه الدول من مصاريف للتقاضي. وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة، للدول فقط ممثلة بحكوماتها الحق في التقاضي أمام المحكمة، وهذا عكس المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان؛ إذ يجوز للأفراد التقاضي أمامها.

الولاية الجبرية

من جانبه، يقول الدكتور عادل عامر خبير القانون الدولي، ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية، والاقتصادية، في تصريحات خاصة لـ"اتحاد العالم الإسلامي" إن "محكمة العدل الإسلامية الدولية" هي الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تقوم على أساس مبادئ الإسلام ومصادر الشريعة الإسلامية وقواعدها وتعمل بصفة مستقلة، وللدول الأعضاء فى المنظمة أن تصرح، دونما حاجة إلى اتفاق خاص تقر فيه للمحكمة بولاية جبرية للفصل فى المنازعات القانونية مثل تفسير أحكام الشريعة الإسلامية وتفسير المعاهدات ومواضيع القانون الدولي، التى تنشأ بينها وبين أي دولة تقبل الالتزام نفسه.

وأضاف أن تفصل المحكمة فى كل نزاع يقوم حول ولايتها، تحقيقًا لأحد الأهداف المهمة والمتمثل في وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، عملت دول العالم الإسلامي على التقريب بين أنظمتها وقوانينها في مختلف المجالات وصولًا إلى توحيدها. كما عملت على تحقيق المزيد من التقارب والصلات بينها في المجالات التشريعية والقضائية، وإعداد مشروعات الأنظمة (القوانين) الموحـدة، وتعزيز التنسيق فيما بين الأجهزة العدلية والقضائية وتوحيد أنواعها، ودرجاتها، وإجراءاتها. لما كانت النزاعات الدولية مسألة حتمية بين أشخاص المجتمع الدولي وعلى رأسها الدول، نظرًا لعوامل عديدة كاختلاف المصالح وتعقد العلاقات الدولية، فإنه تم إيجاد جملة من الوسائل السلمية لحل هذه النزاعات الدولية، منها الهيئات القضائية الدولية المختلفة، وهي الهيئات التي تتصدى وفق أنظمتها الأساسية لتسوية هذه النزاعات الدولية.

ومن بين هذه الهيئات القضائية تُوجد "محكمة العدل الإسلامية الدولية" التي أنشأتها منظمة المؤتمر الإسلامي، ويُعد ميدان تسوية المنازعات، من الميادين التي يمكن لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أن تطور بصددها تقاليد سياسية وقانونية، للتعامل بين الدول الأعضاء، تتفق مع المبادئ الإسلامية لتسوية المنازعات بين المسلمين.

وتابع الدكتور عادل عامر قائلًا: وهي مبادئ تتميز عن المبادئ القانونية الدولية التقليدية، لتسوية المنازعات الدولية، الواردة في مواثيق التنظيمات الدولية الأخرى. ويزيد من أهمية هذه المسألة أن المنظمة تنص في مقدمة أهدافها، على أنها تسعى لتحقيق التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء. ويلاحظ أن ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي، ذكر أدوات التسوية السلمية للمنازعات المشار إليها "على سبيل المثال"، وليس على سبيل الحصر، وذلك حينما أشار إلى "حل ما قد ينشأ من منازعات فيما بينها بطرق سلمية كالمفاوضات ...". ومن ثَم، فإن الميثاق فتح المجال أمام إمكانية اللجوء، إلى طرق سلمية أخرى لتسوية المنازعات، كالمساعي الحميدة، أو الوسائل القضائية. وذلك على غرار ميثاق منظمة التسوية الأمريكية، الذي أورد في المادة (24) وسائل تسوية المنازعات على سبيل المثال، وحددها بأنها المفاوضات، والمساعي الحميدة، والوساطة، وتقصي الحقائق، والتوفيق، والتسوية القضائية، والتحكيم، "والوسائل الأخرى، التي تتفق عليها أطراف النزاع في أي وقت". أما ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق منظمة الوحدة الإفريقية؛ فقد أوردا وسائل تسوية المنازعات على سبيل الحصر. فقد أشارت المادة الخامسة، من ميثاق الجامعة إلى الوساطة والتحكيم، على سبيل الحصر، وإن كان مجلس الجامعة قد توسع في تفسير المادة الخامسة، ولجأ إلى أدوات أخرى لم ينص عليها الميثاق.

حلم غير قابل للتنفيذ

بينما يرى الدكتور محمد جاد الزغبي، المفكر الإسلامي وخبير القانون الدولي، أن فكرة إنشاء محكمة عدل إسلامية تتبنى قضايا العالم الإسلامي؛ حلم جميل غير قابل للتنفيذ، مشيرًا إلى أنه لا يريد أن يكون مُحْبِطًا للناس، كون هذه الأفكار لا تعدو كونها أفكارًا رومانسية، تحكمها الأوهام بأكثر مما يحكمها الواقع.

وتابع: وحتى لا يفهم القارئ من حديثي أنني أقصد بأن تنفيذ الفكرة نفسها غير واقعي، لا، بل إنني أتحدث عن الفكرة ذاتها بعد التنفيذ المفترض، فأقول إنها أحلام رومانسية وتفريغ كبت لا تأثير له في واقع الحال للدول الإسلامية، وذلك -والكلام للزغبي- لأن أي مقترح نريده لرفع مستوى تأثير الدول الإسلامية بعددها وقوتها في العالم، يجب أن يكون مقترحًا جادًّا له فوائد عملية تناسب طريقة إدارة العالم اليوم.

وأوضح "الزغبي" قائلًا: في مرحلة دراستنا للقانون الدولي في الدراسات العليا، أذكر أنني وعدد من زملائي كنا شغوفين جدًّا بهذا المجال وتفريعاته التي تنقسم ما بين المنظمات الدولية، والقانون الدبلوماسي والقنصلي، والقانون الدولي العام، وأخيرًا القانون الدولي الخاص والتحكيم الدولي، غير أنه بعد مطالعة حثيثة لتاريخ القانون الدولي اكتشفنا الواقع المؤسف؛ فالقانون الدولي عبارة عن بناء زخرفي مزركش له نقوش بديعة، يحلو لك أن تقرأ نصوصه أو تعمل في إحدى مؤسساته براتب ضخم ومكانة رفيعة، مشيرًا إلى أنه من ناحية التنفيذ العملي فهو أهون شأنًا من أهمية التوراة المحرفة عند يهودي علماني!، حيث لا قيمة لها أصلًا في حياته.

وأردف: أنه وبنظرة بسيطة عن نشأة القانون الدولي والمنظمات الدولية ستكتشف ببساطة أن المعاهدات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف أعلى منه شأنًا وأكثر قيمة في التنفيذ، كون ذلك لأن القانون الدولي ومنظماته يفتقد أهم وأكبر ميزة يجب أن تتوافر في أي قانون ليكون له قوة التنفيذ ويحوز الاحترام اللازم، منوهًا بأن الميزة هي (القوة التنفيذية)، فتخيل معي مثلًا دولة لها قانون وقضاء ودستور لكن حكومتها لا تمتلك جهاز شرطة؟!، فما القيمة الفعلية لهذا القانون؟! مؤكدًا أن القيمة صفر كبير طبعًا لأنه لا يوجد تنفيذ عملي أو جبري.

وضرب مثالًا على هذا بمنظمة الأمم المتحدة، التي تأسست على أنقاض منظمة "عصبة الأمم" التي فشلت وانهارت بسبب قيام الحرب العالمية الثانية، حيث اجتمع الحلفاء المنتصرون وأسسوا منظمة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وأهمها "مجلس الأمن"، وبالنظر إلى قوانين المنظمة ستجد أنها عبارة عن جهاز تنفيذي كبير تتحكم فيه الدول الخمس الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن، وهي وحدها من تملك سلطة الإجبار على أي دولة كي تنفذ القرارات التي يتخذها مجلس الأمن إجماعًا، مؤكدًا أن قانون مجلس الأمن نفسه يثبت أنه مجرد أداة تطويع لا قانون عام تلتزم به سائر الدول؛ لأن المجلس فيه أعضاء خمسة كبار دائمون وأعضاء منتخبون تتغير مقاعدهم ولا يملكون حق النقض (الفيتو) الذي تمتلكه الدول الخمس الكبرى ويتيح لها وقف أي قرار لا تريده.

وتابع: وبالتالي، فقدت الأمم المتحدة فاعليتها من اللحظة الأولى لإقرار هذه القوانين؛ فأصبحت الجمعية العامة عبارة عن مكلمة إدانة وشجب، لأن القوة الفعلية بيد مجلس الأمن، وافتقد المجلس فاعليته بمجرد إقرار قانونه الدكتاتوري؛ لذلك لن تجد في تاريخ الأمم المتحدة إنجازًا واحدًا نستطيع أن نقول إن العدالة قد تحققت فيه، وحتى بعض القرارات العادلة التي تم تنفيذها ما كان لها أن تُنفذ إلا بسبب وجود قوة عظمى وراءها، ناهيك بأن سائر قراراتها بلا استثناء التي تخص إنصاف الدول الضعيفة تم تجاهلها تمامًا من القوى الكبرى. ولعلنا نذكر كيف أن إسرائيل وحدها عطلت جميع قرارات مجلس الأمن منذ عام 1948م وحتى اليوم ولم تلتزم بقرار واحد منها.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة شنت حروبها على الدول الضعيفة دون اعتبار للأمم المتحدة من أول حرب فيتنام حتى حرب العراق، أما في ما يخص سؤالك عن إقامة الدول الإسلامية نظامًا خاصًّا بها مثل "محكمة العدل الدولية" فهذه المحكمة نفسها هي و"المحكمة الجنائية الدولية" لم تصدر إدانة واحدة لدولة كبرى، فضلًا على تجاهل قراراتها إذا رفضته أي دولة من الدول العظمى.

وأضاف: إن تأسيس المسلمين لمحكمة عدل إسلامية، ينبغي أن نسأل عن هدفه أولًا؟!، وهل الهدف منه إقامة محكمة عدل تحاكم وتدين أصحاب الإجرام الدولي ضد البلاد الإسلامية؟ لو كان الجواب نعم، فأخبرني، فهل تستطيع هذه المحكمة أن تحاكم "نتنياهو" سفاح إسرائيل أو أي مسؤول فيها؟! وعلى فرض أنها حاكمته، هل تستطيع أن تنفذ الحكم؟! الجواب بلا قطعًا، بل إنها لن تستطيع محاكمة حتى المسؤولين السابقين مثل "جورج بوش" الابن الذي اعترف علنًا بأنه دخل حرب العراق دون ذريعة!، وإذا قلت لي إن هذه المحكمة ستختص بالشأن الإسلامي للدول الأعضاء.

وأكمل: فدعني أسألك، هل تستطيع المحكمة أن تحاكم "بشار الأسد" على جرائم سوريا؟! هل تستطيع المحكمة محاكمة جبروت بعض رؤساء الدول الأعضاء ممن يمارسون القهر المنظم ضد شعوبهم أو حتى محاكمة الحكومات المطبعة مع إسرائيل؟! والجواب بلا قطعًا، متسائلًا في الوقت نفسه: فما الفائدة التي نرجوها من تنفيذ اقتراح كهذا؟!

أما إن أردت الاقتراح العملي الذي يمكن تنفيذه إذا فرضنا اتفاق الدول الإسلامية على مائدة واحدة لمحاولة التوحد في أي تعاون؛ أوضح "الزغبي" أن الاقتراح المنجز، بل الذي يمكنه جعل الدول الإسلامية قوة مرعبة على الساحة الدولية، لها كلمتها المسموعة بالفعل؛ هو إنشاء منظمة اقتصادية كبرى بين الدول الإسلامية تكون مهمتها التعاون الاقتصادي بين الأعضاء وتعزيز التبادل التجاري في ما بينها، والتقليل من الاعتماد على الغرب في السلع الإستراتيجية كالحبوب والسلاح والتكنولوجيا، وأن الأهم هو أن تكون من صلاحيات المنظمة إصدار قرارات المقاطعة الاقتصادية بشكل قانوني منظم ضد الدول الغربية التي تنتهك الدول الإسلامية.

وأكد أن هذه وحدها كفيلة بتركيع الدول العظمى وإجبارها على تغيير سياستها تجاه القضايا العربية والإسلامية؛ لأن الغرب في الأصل يعتمد اعتمادًا كليًّا على المواد الخام من بلادنا التي تسيطر عليها المؤسسات الغربية، كما يستخدمنا الغرب بوصفنا حقول تصريف لمنتجاته ولولا هذا لانهار اقتصاده حرفيًّا.

فإذا كانت المقاطعة الشعبية البسيطة لمنتجات الغرب غير الأساسية قد أصابت الشركات المنتجة بخسائر هائلة خلال شهر واحد، فهل لك أن تتخيل قوة التأثير إذا تم منع استيراد تلك السلع البسيطة نفسها في الدول الإسلامية بقرارات حكومية جامعة، ناهيك بمنع تصدير المواد الخام واستخدامها في توطين الصناعة وتصدير المنتج النهائي بكل ما يمثله من أدوات ضغط اقتصادي غير تقليدي، مؤكدًا أن هذه هي الأوراق الفاعلة في الصراع الدولي.

هذا هو الوقت المناسب

يرى الباحث الإسلامي عيد محمد البنا، أحد علماء الأزهر الشريف؛ أن تدشين محكمة عدل إسلامية دولية، تضم قضاة من البلاد العربية والإسلامية، وتخلق لنفسها دستورًا قويًّا، يتماشي مع الشريعة الإسلامية، وكذلك مع القانون الدولي؛ كي تكون ذات سيادة مستقلة، وأن تكون مختصة في تولي قضايا العالم الإسلامي، ولا سيما الجوهرية والكبيرة مثل ما تتعرض لها الدول الإسلامية من انتهاكات تصل إلى مستوى جرائم الحرب، تحت سمع وبصر العالم، دون أن تحرك المحاكم الدولية ساكنًا، ولذلك آن الأوان لنشجع الجهات المعنية على تدشين محكمة إسلامية دولية، وأن تكون أحكامها وقراراتها قابلة للتنفيذ، وأن تكون لها مكانتها وسمعتها القوية في العالم، وأن تكون جهة رادعة وقوية لكل من يعتدي على حرمة الأراضي العربية والإسلامية.

وشدد "البنا" على ضرورة تدشين هذه المحكمة الدولية في وقتنا الحاضر، ولتكن أول قضية لديها هي قضية ما يقوم به الكيان الصهيوني بحق المدنيين في فلسطين، من جرائم يشيب لها الجنين في بطن أمه! مؤكدًا أننا أمة سلام ونسعى للسلام، ولكن الكيان الصهيوني يرتكب أبشع جرائم الإنسانية على الإطلاق ولا بُدَّ له من رادع يوقفه عند حده، مطالبًا بضروة الوحدة العربية والإسلامية كون أمتنا العربية والإسلامية تمر بتحديات رهيبة وكبيرة، لن نتجاوزها إلا بالاتحاد والاتفاق وأن نكون على قلب رجل واحد.