روسيا تغير جلدها في الساحل بـ”فيلق أفريقيا”
تعيد روسيا تسمية وجودها في منطقة الساحل، لتحل محل مجموعة "فاغنر" بكيان جديد يسمى "فيلق أفريقيا"، وذلك في إصلاح كبير لإستراتيجيتها الأفريقية.
وأوضحت صحيفة لوموند الفرنسية، أن هذا التغيير يأتي في الوقت الذي تهدف فيه موسكو إلى النأي بنفسها عن "علامة فاغنر" المشوهة، ساعية إلى تأسيس نفوذ متجدد في المنطقة تحت إشراف وزارة الدفاع.
وأشارت الصحيفة إلى أن أصول الفيلق الأفريقي تعود أساسا إلى الفيلق الأفريقي الألماني، المعروف بدوره في شمال أفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية، مبينة أن هذا التحول يعد جزءًا من جهد روسيا الأوسع لإعادة تشكيل نظامها الأفريقي وتقليص الحكم الذاتي الذي اكتسبته مجموعة فاغنر، ولا سيما منذ عام 2018؛ ما يشكل تحديًا لسيطرة موسكو.
يشار إلى أنه تم الإبلاغ عن الانتقال إلى الفيلق الأفريقي لأول مرة على تليغرام في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، إذ شارك المدون العسكري "دو ماجورز"، المقرب من وزارة الدفاع الروسية، رؤى من إيجور كوروتشينكو، العقيد السابق ورئيس تحرير المجلة الروسية "ناتسيونالنايا أوبورونا".
وبحسب كوروتشينكو، فإنه "يتم تشكيل الفيلق الأفريقي" في أعقاب الزيارات التي قام بها نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف إلى دول الساحل الأفريقي الرئيسة.
ولفتت الصحيفة إلى أن عملية إعادة تشكيل النفوذ هذه تمتد من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى ليبيا والسودان ومالي وبوركينا فاسو والنيجر، مشيرة إلى أن بوركينا فاسو والنيجر، اللتين شهدتا انقلابات في السنوات الأخيرة، تمثلان حدودًا جديدة حيث تهدف روسيا إلى توسيع أنشطتها.
وتشمل أهداف فيلق أفريقيا كما حددها كوروتشينكو، تنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق في أفريقيا لدعم البلدان التي تسعى إلى التحرر من الاعتماد على الاستعمار الجديد، وتطهير الوجود الغربي، وتحقيق السيادة الكاملة، إذ تتوافق هذه الخطوة الإستراتيجية مع الأهداف الجيوسياسية الأوسع لروسيا في سعيها إلى سد الفجوة بين الغرب و"الجنوب العالمي".
ويُنظر إلى إنشاء الفيلق الأفريقي على أنه منافس لشركة فاغنر، بهدف استيعاب أنشطتها وأفرادها، إلا أن العملية الانتقالية تواجه تحديات، تتجلى في دعوات التجنيد العامة على تطبيق تيليجرام؛ ما يشير إلى صعوبات في دمج مقاتلي فاغنر السابقين في الهيكل الجديد.
وتعد مالي بمثابة دراسة حالة، إذ تسلط الضوء على تعقيدات الانتقال من فاغنر إلى الفيلق الأفريقي، لا سيما في المناطق التي تتمتع فيها فاغنر بتاريخ من المشاركة. ويسلط الاستيلاء على كيدال، الذي تم الاحتفال به باعتباره نصرًا مشتركاً للجيش المالي وشركة فاغنر، الضوء على التحديات التي تواجه العملية الانتقالية.
كما تظهر بوركينا فاسو كأرض غير مستغلة نسبيًّا بالنسبة لموسكو، ما يوفر فرصة جديدة لروسيا لنشر نظامها الجديد. وتشير التطورات الأخيرة، بما في ذلك زيارة زعيم الانقلاب في بوركينا فاسو إلى القمة الروسية الأفريقية والإعلان عن إنشاء محطة مدنية للطاقة النووية، إلى نفوذ روسيا المتزايد في البلاد.
التعاون العسكري بين النيجر وروسيا
وأصبحت النيجر أيضًا نقطة محورية لموسكو، حيث زارها نائب وزير الدفاع إيفكوروف ووقع مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري، وبينما يتنامى النفوذ الروسي في النيجر، فإن وجود الولايات المتحدة في البلاد يحافظ على توازن ديناميكي.
وأكدت لوموند أن ظهور كتلة إقليمية لمنطقة الساحل، كما رأينا في تحالف دول الساحل، يوفر لموسكو بيئة مواتية لتوسيع نفوذها، موضحة أن هذا التماسك الإقليمي، المبني على معارضة العلاقات الغربية، يسهل النهج الإستراتيجي الذي تتبعه روسيا في أفريقيا، ما يمثل مرحلة ثانية من النفوذ في القارة بعد فاغنر.
المصدر: صحيفة لوموند الفرنسية