”الألعاب الإليكترونية” بين سندان الاستثمار ومطرقة الخطر لأطفالنا
في ظل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأهمية العمل المتواصل من أجل توطين التكنولوجيا الحديثة وزيادة نسب المكون المحلي، وزيادة القيمة المضافة للصناعة بالتعاون مع الخبرات العالمية وتعزيز التعاون والتكامل البناء بين مؤسسات الدولة ولتعميق وزيادة نسب التصنيع المحلي، والعمل على تشجيع المنتجات الوطنية ، مع تقليل الواردات من خلال تقديم منتجات عالية الجودة تلبي احتياجات المستهلكين كون أن صناعة الألعاب الرقمية هي صناعة ضخمة وترتكز كافة عناصر على التكنولوجيا والمعرفة والإبداع والفكر الخلاق، كما أصبحت ضمن الصناعات المؤثرة في اقتصاديات دول العالم بكونها صناعة هامة جدا دافعة للنمو باعتبارها صناعة كاملة سوف تسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد المصري، ولها العديد من التطبيقات في مجالات التعليم والعمل والصحة وغيرها هذا ما أكدته الدراسة المقدمة من اللجنة المشتركة من لجنتي التعليم والبحث العلمي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلى المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، والذي أحال الدراسة إلى الحكومة لتنفيذ توصياتها.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم الاثنين، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، حيث شهدت الجلسة استعراض النائب حسانين توفيق، عضو مجلس الشيوخ، تقرير اللجنةِ المشتركةِ، قائلا،: إننا في مصر غبنا عن هذا سوق الألعاب الإليكترونية، وابتعدنا عن هذه الصناعةِ بينما كانت تتعاظم في الخارجِ، إلي أن أصبحت سوقًا تدر عائدات ضخمة في ١٠ سنواتٍ فقط بملياراتِ الدولارات، مضيفا، أنَّ سوقَ الألعاب الإلكترونية حققت في عام 2023 عائدات عالمية تقدر بـ 200 مليار دولار، أي ما يعادلُ 6 تريليون جنيه مصري.
وأضاف قائلا: عندما نتكلمُ عن صناعةٍ تنمو، وتحققُ عائداتٍ، فهي بالتالي تساهمُ في خلق وظائفَ، وتساهمُ في تشغيل المواطنين، فلو نظرنا مثلًا إلى المملكةِ المتحدةِ، بريطانيا، فقد ساهمت سوقُ الألعابِ الإلكترونيةِ في توفير 47 ألف وظيفة فى عام 2016، وساهمت فى إضافة حوالي 2.8 مليار دولار للناتج المحلي، بينما ساهمت في توفيرِ 65 ألف وظيفة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأضافت للناتجِ المحلي الأمريكي 11 مليار دولار.
وأضاف، بالنسبةِ للسوقِ العربية فهي مستهلك كبير، فلو نظرنا إلى ثلاثِ دولٍ فقط، هي مصرُ والسعوديةُ والإماراتُ، فإن عائدات بيع الألعابِ الإلكترونيةِ في الدولِ الثلاثةِ فقط تصل في العام الواحدِ إلى ما يقرب من 3 مليارات دولار.
وتابع عضو مجلس الشيوخ،: لا تتوقفُ هذه العائداتُ عند هذه المرحلةِ، لكنها تقفزُ بمعدلِ مبيعاتٍ غيرِ مسبوقٍ عالميًّا، بل بمعدلٍ يفوقُ أيَّ صناعةٍ أخرى في العالمِ، يعني مثلًا معدلُ نمو مبيعاتِ السياراتِ 4.6% ، ومعدلُ نمو مبيعاتِ الهاتفِ المحمول 3.6%، ولكن معدلَ نمو مبيعاتِ الألعابِ الإلكترونيةِ هو 13.8% سنويًا.
وأضاف،: قبلُ 30 عامًا لم يكنِ العالمُ يعرفُ أيَّ شيءٍ عن الألعابِ الإلكترونيةِ، حيث ظهر في نهايةِ الثمانينياتِ وبدايةِ التسعينياتِ، الجهاز المسمى بـ "الأتاري"، وهو البدايةُ الحقيقيةُ لسوقِ الألعابِ الإلكترونيةِ، وفي خلال 30 عامًا فقط تغيرَ كلُ هذا، وأصبحنا نرى ألعابًا لا مثيلَ لها في العالمِ كله.
وتابع، ليس الأمر ترفيهيًّا فقط، بل إنَّ الألعابَ الإلكترونيةَ صارتْ تُستخدمُ في المدارسِ في الخارجِ، بلْ في المستشفياتِ فى عملياتِ علاجِ بعض ذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ وأصحابِ الإعاقاتِ، وأيضاً في مجالات أخرى، وأصبحنا نرى مسابقاتٍ ضخمة للألعابِ الإلكترونية، تشبه الأولمبياد الرياضية، وشاهدنا بذهولٍ، كيفَ نجحَ أبناؤنا المصريون من الشبابِ في تحقيقِ مراكزٍ ضخمةٍ ومتقدمةٍ في هذه المسابقاتِ وهناك بالفعلِ تحركاتٍ مهمة في هذا المجالِ.
وأكد، أيضًا لم نغفلْ في الدراسةِ الجانبَ السلبي، فوضعنا عددًا من التوصياتِ التي تتكلمُ عن الحدِّ من سلبياتِ الألعابِ الإلكترونيةِ، واستعرضنا أيضًا تجاربَ عددٍ من الدولِ في مواجهتها، سواء بالطرقِ الغربيةِ الإرشاديةِ، أو بالطرقِ الآسيويةِ ذات القبضةِ القويةِ.
وقال حسانين توفيق، أوصينا بإطلاقِ شركةٍ وطنيةٍ، تستوعبُ الكفاءاتِ في مجالِ التكنولوجيا، بدايةً من البرمجةِ، والمخرجينَ والمبدعينَ والمصممينَ، وكلِّ الأطرافِ ذات الصلةِ، لتكونَ بدايةً لوجودنا على الطريقِ الصحيحِ.
وأضاف، أكدنا على أهميةِ تهيئةِ مناخٍ جاذبٍ للاستثمارِ عن طريق تعديلاتٍ تشريعيةٍ لبعض القوانينِ ذاتِ الصلةِ، وأنْ تكونَ لهذهِ الصناعةِ حصةً من المبادرات الحكوميةِ للقروضِ الميسرةِ.
وتابع، كما طالبنا وزارة التعليم بضرورةِ الاستعانة بهذه التكنولوجيا الفائقة في مناهجها، ووصينا وزارةَ التعليمَ العالي بضرورةِ الاستفادة من خبراتِ أبنائنِا الباحثين في هذا المجال، وأكدنا على وزارةِ الهجرةِ ضرورةَ الاستعانةِ بأبنائنا المصريين العاملين بالخارجِ في هذا المجالِ العالمي.
وأكدت اللجنة في الدراسة المقدمة أن هناك آفاقا واعدة لقطاع الألعاب الالكترونية في مصر ، ولكنها في حاجة إلى الدعم والتطوير المستمر وصولا إلى مرحلة النضوج ليكون من القطاعات الرائدة محليا وإقليميا وعالميا.
كما حذرت الدراسة من ترك النشء دون ضوابط فريسة لميدان الألعاب الإلكترونية، من خلال وضع آلية لحمايتهم من التأثيرات السلبية لهذه الألعاب وفي ظل انتشار تطبيقات وألعاب إلكترونية، قد تمثل خطرا على صحتهم العقلية والجسمانية وقد لخصت الدراسة لبعض التوصيات التي من شأنها الاستفادة من الألعاب الإلكترونية، في مجالات التعليم لتأتي ضرورة وجود استيراتيجية واضحة مبنية على دراسة جدوى متكاملة من نواحي تكنولوجيا واقتصادية وقانونية، وتنظيمية، والبدء في تدشين هيئة فنية عليا لهذا الموضوع وأن تكو ن هيئة على أعلى مستوى وتضم خبرات من كافة الجهات المعنية والتخصصات المختلفة.
كما شهدت الجلسة، إشادات من الأعضاء بموضوع الدراسة وتوصياتها، مؤكدين أهميتها فى تطوير صناعة التكنولوجيا بالبلاد، وكذلك أشاد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، بالدراسة، مستعرضا جهود الوزارة فى ذلك القطاع.
ومن جانبها أعلنت فيبي فوزي وكيل مجلس الشيوخ، تأييدها الكامل للدراسة قائلة: "أضم صوتي إلى ما طالبت به الدراسة من توصيات مهمة من شأنها العمل على تحقيق أعلى معدلات الاستفادة من إيجابيات ظاهرة الألعاب الإلكترونية سواء في المجال الاقتصادي بضرورة تقديم دعم حكومي لهذه الصناعة، وفي مجال التعليم بتشجيع وتحفيز شباب المبتكرين المصريين، كذلك في مجال تقنين الألعاب الإلكترونية بوضع إستراتيجية إعلامية للتوعية بمواجهة مخاطر الألعاب الإلكترونية".
وتابعت :فنحن من خلال إنتاج الألعاب الإلكترونية، يمكننا أن نتلافى بشكل واضح العديد من سلبياتها ونعظم في الوقت نفسه من استخداماتها الإيجابية، مؤكدة في الوقت نفسه أنهم مستعدون لمساندة أية مقترحات تشكل بنية تشريعية وقانونية لترسيخ هذه الصناعة والاستفادة مما توفره من عوائد اقتصادية وتكنولوجية وعلمية وثقافية وغيرها".
والجدير بالذكر أن الدراسة كانت ملمة بكل العناصر المعنية بصناعة الألعاب الإلكترونية، بداية من نشأتها في عام 1947م، حينما اخترع البروفسور الأمريكي توماس ت. جولد سميث الابن لعبةً أطلق عليها "أداة أنبوب الأشعة المهبطية المسلية،و في أعقاب إصدار أول مجموعة من أنظمة أجهزة الكمبيوتر PDP-1، في عام 1960، من قبل شركة، Digital Equipment Corporation، تم إطلاق لعبة “سبيس وار”.وبرمج اللعبة التي أُتيحت للجمهور في عام 1961، مجموعة من طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي كان من الممكن أن يلعبها لاعبان في وقت واحد، يتحكم كل منهما في مركبة فضائية، ويطلقان الصواريخ على بعضهما البعض، وكانت اللعبة في شكل بدائي، ولكنها اعتُبرت الأساس الذي قامت عليه العديد من الألعاب الأخرى بعد ذلك.
أما تعد أول لعبة تم اختراعها لغرض تجاري هي لعبة الآركيد "كمبيوتر سبيس" سنة 1971م، والتي حققت انتشارا كبيرا في ذلك الوقت حتى إنه لم يعد هناك بيت يخلو منها، فقد قدّر الخبراء في مجال الألعاب الإلكترونية حجم إنفاق الأطفال في السعودية مثلاً على ألعاب الترفيه الإلكتروني بنحو "400 مليار" دولار سنويًّا.
الرابح في هذا المجال الشركات الأمريكية واليابانية، أعلنت شركة سوني اليابانية أنها تتوقع ارتفاع أرباح مجموعاتها بنسبة 108% أي إلى حوالي 280 مليار خلال السنوات المقبلة.
وألمحت الدراسة إلى أن هذه الألعاب تؤثر تأثيرات مباشرة على الأطفال، سواء كانت سلبية أو إيجابية؛ فهل ندرك حجم هذا التأثير وصداه عند الأطفال، وآثاره المستقبلية عليهم وعلى صحتهم الذهنية.