اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون مدير التحرير التنفيذي محمد سلامة
«الأوقاف المصرية» تضع خطة شاملة لتطوير الدعوة ومواجهة التطرف في شمال سيناء كيف نميز بين وسوسة الشيطان ودعوة النفس؟.. الدكتور علي جمعة يوضح مفتي الديار المصرية: تجديد الخطاب الديني هدفه استيعاب الواقع المتجدد برؤية حكيمة مدير الجامع الأزهر: الإسلام يدعو إلى الأمن والأمان والتمسك بالأحكام لتحقيق سعادة البشرية مفتي الديار المصرية لوفد برنامج الأغذية العالمي: مستعدون للتعاون في كل ما ينفع البشرية أمين ”البحوث الإسلامية”: الشريعة حرصت على البناء المثالي للأسرة بأسس اجتماعية سليمة بالقرآن والسنة.. الدكتور علي جمعة يكشف حكم زواج المسلمة من غير المسلم أمين مساعد البحوث الإسلامية: التدين ليس عبادة بالمساجد بل إصلاح وعمارة الكون الأوقاف المصرية: إيفاد سبعة أئمة إلى “تنزانيا والسنغال والبرازيل” «الإسلام وعصمة الدماء».. الجامع الأزهر يحذر من استباحة دماء المسلمين الأوقاف المصرية تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. ”أَنْتَ عِنْدَ اللهِ غَالٍ” حكم عسكري في غزة.. بين استراتيجيات الماضي ومخاطر المستقبل

هل ينجح مسلسل ”الحشاشين” في عودة المشاهدين للدراما التاريخية المصرية بعد غياب؟

كتب: محمود درويش
منذ أن قدم مسلسل "الرحايا حجر القلوب"، عام 2009، من بطولة النجم الراحل نور الشريف، لفت المؤلف عبد الرحيم كمال، أنظار النقاد والجمهور معا، ككاتب دراما تليفزيونية عالي المستوى، متمكن من أدواته، ووضع الجميع ثقتهم في أي عمل يحمل اسمه كمؤلف بعد ذلك، واستبشروا خيرا بظهور كاتب رصين، تحمل اعماله أفكارا عميقة، وتناولا يشبع المشاهدين ويحترم عقولهم، بعيدا عن الأعمال التي غزت شاشات التليفزيون لفترة طويلة، وتميزت بالسطحية والاستخفاف بالمتابعين إلى درجة كبيرة.

أعمال مميزة للمؤلف حازت احترام النقاد والمشاهدين:
وقد تأكد هذا الإنطباع عن المؤلف الجديد، مع توالي الأعمال التليفزيونية التي كتبها للفنان المتميز يحيى الفخراني، شيخ العرب همام (2010)، والخواجة عبد القادر (2012)، ودهشة (2014)، وجميعها تدور أحداثها في صعيد مصر الذي ولد بإحدى قراه في مدينة سوهاج كاتبنا المميز.


وجاء مسلسل "أهو ده اللي صار" (2019)، من بطولة أحمد داود وروبي، وهو أيضا يتماس مع الصعيد في بعض أحداثه، ثم "القاهرة كابول" (2021)، بطولة خالد الصاوي وطارق لطفي، و"جزيرة غمام" (2022)، بطولة أحمد أمين ومي عز الدين، (تدور أحداثه جميعها عن جزيرة بالصعيد، لتؤكد هذه الأعمال أننا أمام كاتب مختلف، وصفه البعض بأنه خليفة الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة، صاحب العلامات المضيئة في عالم الدراما التليفزيونية.

عمل جديد ينتظره المشاهدة بحثا عن إجابات:
وها هم المشاهدون يتطلعون إلى مشاهدة عمل جديد من تأليف كاتبنا عبد الرحيم كمال، سيتم عرضه على شاشات التليفزيون خلال شهر رمضان المقبل، ويحمل العمل اسم "الحشاشين"، وهو عمل تاريخي تدور أحداثه في القرن الـ11 الميلادي.
والمسلسل من بطولة النجم المصري كريم عبد العزيز، الذي يقدم من خلاله شخصية حسن الصباح مؤسس ما يعرف بـ "طائفة الدعوة الجديدة" أو "الطائفة الإسماعيلية الباطنية"، أو "الحشاشين"، أو "الحَشّْيشَية."

عودة إلى الدراما التاريخية بعد طول غياب:
وسيكون المسلسل بمثابة عودة للدراما التاريخية بعد سنوات طويلة من الغياب عن الشاشات المصرية، ويراهن كاتبه وأبطاله على قدرته على جذب المشاهدين إلى متابعته، لا سيما بعد حالة الشد والجذب والأسئلة الكثيرة التي طرحت عبر وسائل الإعلام منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن البدء في تصوير المسلسل، وعن الاسم الغريب الذي يحمله "الحشاشين"، والاستغراب من عمل مسلسل عن "الحشاشين" في إطار ما يعرفه الكثيرون عن معنى الكلمة الدارج، وهو "مدمنو الحشيش".

"الحشيش" في السينما والتليفزيون:
"الحشيش"، هو ذلك المخدر الشهير في عالم المخدرات، والذي ظهر في العديد من الأفلام المصرية، منها فيلم "سمارة" الذي قدم عام 1956، من ﺇﺧﺮاﺝ حسن الصيفي، وﺗﺄﻟﻴﻒ الممثل والكاتب محمود إسماعيل، ومن بطولة تحية كاريوكا، ومحسن سرحان، ومحمود إسماعيل، ومحمود المليجي.
وأيضا، فيلم "الأخ الأكبر"، وعرض عام 1958، من ﺇﺧﺮاﺝ فطين عبدالوهاب، وﺗﺄﻟﻴﻒ علي الزرقاني، وبطولة فريد شوقي، وهند رستم، وأحمد رمزي، وفريدة فهمي.
أما أشهر "حشيش" بالطبع، فكان "حشيش" الأستاذ "أنيس" (عماد حمدي)، ورفاق السوء (أحمد رمزي، وميرفت أمين، وعادل أدهم، وسهير رمزي) في فيلم "ثرثرة فوق النيل"، الذي كتبه كاتبنا الكبير الراحل صاحب نوبل، نجيب محفوظ، وأخرجه حسين كمال، وقدم عام 1971.
وأيضا، الفيلم الشهير "الباطنية"، من بطولة نادية الجندي ومحمود ياسين وأحمد زكي، من تأليف إسماعيل ولي الدين، وكتب له السيناريو مصطفى محرم، وأخرجه حسام الدين مصطفى، وهو الفيلم الذي كانت تدور أحداثه في المنطقة الشهيرة في منطقة الدراسة، والتي حملت هذا الاسم، وكانت معقلا لتجار المخدرات. وقدم الفيلم عام 1980.
ونفس الاسم، حمله مسلسل تليفزيوني، كتبه مصطفى محرم، وأخرجه محمد النقلي، وقام بأدوار البطولة فيه كل من صلاح السعدني، وغادة عبد الرازق وأحمد فلوكس وريم البارودي، عن عالم المخدرات في "الباطنية." وقدم المسلسل عام 2009.

طاقم عمل مميز في مسلسل "الحشاشين":
يشارك في مسلسل "الحشاشين" طاقم عمل مميز من النجوم المصريين والعرب، بجانب البطل، كريم عبد العزيز، ومنهم الفنانون فتحي عبد الوهاب، وأحمد عيد، ونيقولا معوض، وميرنا نور الدين، وسوزان نجم الدين، وعمر الشناوي، بالإضافة إلى العديد من ضيوف الشرف، والعمل من إخراج بيتر ميمي، وهو نجم الأعمال التليفزيونية المميزة التي ظهرت في مصر خلال السنوات الأخيرة، وايضا قدم أفلاما ناجحة.
كما تمت الاستعانة بفريق عمل عالمي لتقديم مشاهد المعارك بالمسلسل، الذي تنتجه شركة "المتحدة" المصرية من خلال المنتج تامر مرسي.

من هم "الحشاشين"؟:
طائفة "الحشَّاشين"، أو "الحشيشية"، أو "الدعوة الجديدة"، كما أسموا أنفسهم، هي طائفة شيعية إسماعيلية باطنية، انفصلت عن الفاطميين في أواخر القرن الخامس هجري/الحادي عشر ميلادي، لتدعو إلى إمامة نزار المصطفى لدين الله ومن جاء مِن نسله، واشتهرت ما بين القرنين 5 و7 هجري الموافق 11 و13 ميلادي، وكانت معاقلهم الأساسية في بلاد فارس وفي الشام.
وقد أسّس الحسن الصباح الطائفة واتخذ من قلعة "ألموت" في بلاد فارس مركزاً لنشر دعوته؛ وترسيخ أركان دولته.

عداء شديد لـ "الحشاشين" مع كل القوى في زمانهم:
اتخذت دولة "الحشاشين" من القلاع الحصينة في قمم الجبال معقلاً لنشر الدعوة "الإسماعيلية النزارية" في إيران والشام. ممَّا أكسبها عداءً شديدًا مع الخلافة العباسية، والفاطمية، والدول، والسلطنات الكبرى التابعة لهما، كالسلاجقة والخوارزميين والزنكيين والأيوبيين، بالإضافة إلى الصليبيين، إلا أن جميع تلك الدول فشلت في استئصالهم طوال عشرات السنين من الحروب.
وكانت الاستراتيجية العسكرية لـ "الحشاشين"، تعتمد على الاغتيالات التي يقوم بها «فدائيون» لا يأبهون بالموت في سبيل تحقيق هدفهم. حيث كان هؤلاء الفدائيون يُلقون الرعب في قلوب الحكّام والأمراء المعادين لهم، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة جداً في ذلك الوقت؛ مثل الوزير السلجوقي نظام الملك والخليفة العباسي المسترشد والراشد وملك بيت المقدس كونراد.
وقد قضى المغول بقيادة هولاكو على هذه الطائفة في بلاد فارس سنة 1256م حيث قاموا بمهاجمة "الحشاشين" والاستيلاء علي قلعة "ألموت"، وعلي أكثر من 100 قلعة من قلاعهم وإحراقها قبل أن يتجه هولاكو لمهاجمة العباسيين وعاصمتهم بغداد وإحراقها، وسرعان ما تهاوت الطائفة في الشام أيضاً على يد الظاهر بيبرس سنة 1273م، بعد انتصاره على المغول.

أصل إسم "الحشاشين":
اختلفت المراجع والمؤرخون حول أصل لفظ "الحشاشين"، أو "الحشيشة"، الذيي عرفت بهما الطائفة التي أسسها حسن الصباح، وذكر عدد منهم أن هذه الكلمة لم تطلق على تلك الطائفة حين تواجدها على الساحة لسنوات طويلة.
وأرجع البعض أصل الكلمتين، إشتقاقا من إطلاق الفرنسيين والصليبيين اسم "القتلة أو الإغتياليون، على الفدائيين من "طائفة الإسماعيلية" أو "الباطنية"، الذين كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم بمنتهى القسوة والجرأة، وكانوا لا يهابون الموت.
فمن شدة خوف الصليبيون منهم، أطلقوا عليهم اسم «الأساسان»، (Assasins) أي القتلة أو الاغتياليون بالفرنسية)، ومنها حرفت إلى "الحشاشين"، لأنه لم يشر أي من المؤرخين إلى أن تلك الطائفة كانت تتعاطى "الحشيش" المخدر المعروف منذ القدم.
وقبل هذا الإسم كان يطلق علهم "الملاحدة".

انتشار لفظ "الحشاشين" للتعريف بأعضاء الطائفة الاسماعيلية:
مع بداية النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، انتشرت التحويرات العربية لمصطلح "الحشاشين" لتصل إلى مسامع الصليبيين في أوروبا، ليتكوّن عدد من المصطلحات، مثل: "Assassin,Assissini,Heyssessini" والتي تطلق على الإسماعيليين النزاريين، الأمر الذي أدّى لظهور اسم جديد دخل إلى اللغات الغربية وهو "Assassin"، وأصبح يعني «القاتل»، وقد كانت المخيلة الأوربية خصبة في وصف هؤلاء "الحشاشين"، وزخرت كتبهم بالكثير من الأساطير حولهم.

نقل عن الرحالة الإيطالي "ماركو بولو" تدخين أعضاء الطائفة "الحشيش":
في قصة الرحالة الإيطالي "ماركو بولو" التي باتت تعرف بـ«أسطورة الفردوس» وصف قلعة "ألموت" معقل طائفة "الاسماعيلية"، في بلد فارس بما يلي:
«كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم زعيم القلعة أتباعه أن تلك الحديقة هي الجنة، وقد كان ممنوعاً على أيّ فرد أن يدخلها، وكان دخولها مقصوراً فقط على من تقرّر أنهم سينضمون لجماعة "الحشاشين".
وكان زعيم القلعة يُدخِلهم في مجموعات، ثم يجعلهم يدخنون (الحشيش)، ثم يتركهم نياماً، ثم بعد ذلك كان يأمر بأن يُحملوا ويوضعوا في الحديقة، وعندما يستيقظون، فإنهم سوف يعتقدون بأنهم قد ذهبوا إلى الجنة، وبعدما يُشبعون شهواتهم من المباهج كانوا يُخدَّرون مرة أخرى، ثم يخرجون من الحدائق ويتم إرسالهم عند زعيم القلعة، فيركعون أمامه، ثم يسألهم من أين أتوا؟، فيردون: "من الجنة"، بعدها يرسلهم الشيخ ليغتالوا الأشخاص المطلوبين؛ ويعدهم أنهم إذا نجحوا في مهماتهم، فإنه سوف يُعيدهم إلى الجنة مرة أخرى، وإذا قُتلوا أثناء تأدية مهماتهم فسوف تأتي إليهم ملائكة تأخذهم إلى الجنة."
ومن هنا لصق بهم اسم "الحشاشين."

ننتظر التعرف على وجهة نظر المؤلف في الموضوع مع بدء عرض المسلسل:
ونظرا لختلاف الروايات، وغياب الحقيقة الكاملة عن "الحشاشين"، فليس أمامنا سوى انتظار مشاهدة المسلسل للتعرف على كيفية معالجة المؤلف عبد الرحيم كمال لأصل الحكاية، وأي كفة يرجح، بما أنه من المعروف عنه أنه يبحث ويدقق في المعلومات ذات الصلة بالتاريخ، كما سبق وفعل في مسلسلات "شيخ العرب همام"، و"الخواجة عبد القادر"، و"أهو ده اللي صار"، حتى تأتي الأعمال بمثابة رصد تاريخي لفترات بعينها، أكثر منها حكايات يسردها، قد تبتعد عن الحقيقية.

x21