عمرو خالد: أكثر من شتموني هم الذين افادوني
كشف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي عن حيلة لإيقاف مفعول الأذى، الذي ما من إنسان إلا ويتعرض له، ويواجه الضربات الموجعة والطعنات الغادرة في الظهر، وأشدها من أقرب الناس.
وقال في الحلقة الثالثة من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله: لن تستطيع أن توقف قهر الناس أو تمنع كلامهم ولا غدرهم، لكن تستطيع أن تحمي نفسك 100٪، فلايؤثر فيك كيدهم أو ظلمهم، بل يتحول لنصر لك".
موضحا أن السر يكمن في تقوى الله، مصداقًا لقول الله تعالى:" "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا"، وهذا قانون رباني للحياة، إذ تسبقها آية: "لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرًا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور"، وتأتي بعدها: "إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها"، ثم جاءت الآية: "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا".
وساق خالد في شرحه لمعنى الآية، نتيجة دراسة أجرتها الدكتورة باربرا فردكسن، عالمة النفس على ألف شخص تعرضوا لأذى شديد من الناس، وتوصلت إلى نتيجة مفادها: أنه ليس كل أذى يسبب ضررًا، ولو نظرت لأي أذى على أنه حتمي الضرر، ستؤذي نفسك، لكن لو نظرت له على أنه محتمل الضرر سيكون لديك فرصة لأن تتجنب الأذى".
كشف خالد أن "هناك فرقًا بين الأذى والضرر، إذ المؤذي عندما يؤذي فإنه يريد أن يضرك، لكن لا أحد يستطيع أن يجزم 100٪ بأن أذاه سيسبب ضررًا لأنه يمكن أن يتحول إلى فائدة وليس ضررًا".
ذاكرا على سبيل المثال أنه "يمكن أن يشتمك، فيتعاطف الناس معك أكثر، وهذا حصل معه شخصيًا، قائلا : أغلب من شتموني أفادوني ولم يضروني"، مؤكدًا أن "أقوى طريقة لحماية نفسك من أذى الناس هي "التقوى"، لأن الكون كله بيد الله، وهو القادر أن يحول الأذى من ضرر إلى منفعة".
وحث خالد على التسلح بالتقوى في الحياة، "وتزود فإن خير الزاد التقوى"، حيث المشوار صعب وطويل وقاس نفسيًا ويحتاج منك لأن تتزود بالتقوى، قائلاً: "أكثر شيء يسترك من الناس وكلامهم وفضائحهم، التقوى "ولباس التقوى ذلك خير"، وإلى جانب التقوى، دعا خالد إلى التخلق بخلق الإحسان، "فهو لن يجعلك تتحمل الأذى وحسب، لكنه يضمن لك أن تحصل على حقك وإن كان ليس منهم، بل من الله "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً".
ودلل على ذلك بقصة سيدنا يوسف التي وصفها بأنها "أكثر قصة فيها أذى للبشر، وأكثر قصة فيها تقوى وإحسان، وأكثر قصة رسمت نهاية الأذى، وانتصار من عاش بالتقوى والإحسان"، مشيرًا أن عناية الله تجلت فيها، ولم يكن فيها تدخل للوحي، حتى لا يقول أحد من الناس إنها لا تشبهني.
أوضح خالد أنه في ختام السورة، يقول يوسف بعدما انتصر، "إنه من يتقى ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين"، وهذا هو القانون: تقوي وإحسان، لكن لماذا قال يصبر؟، لأن الاحسان بحاجة إلى وقت حتى تحصد النتيجة تقواك وإحسانك.
وأكد خالد أن "سورة يوسف ليست نزهة ولكنها مليئة بالمصائب، كأنه حكيم يعلمك حكمة الحياة "يس والقرآن الحكيم"، وفي النهاية يعطيك حل التعامل مع الدنيا: "تقوى وإحسان".
وحذر من أن الحسد وراء كل شر، كما يتضح في قصة إخوة يوسف معه، "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين".
وأوضح أن الحسد هو الذي دفعهم إلى تدبير جريمة قتل، "اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضًا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قومًا صالحين"، مبينًا أن مشكلتهم كانت في الحسد والغيرة من يوسف، عندما رأوا تميزه وعرفوا أنه قد يرث النبوة بعد أبيهم، كما حسد اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقدم خالد، نصائج للوقاية من الحسد، وهي:
-اتق الله "وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا".
-لا تحك كل شيء "يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك".
-أذكار الصباح والمساء والمعوذتين حصن لك
وقال خالد إنه في قصة يوسف، الشر يلبس ثوب الخير بكلام معسول، "قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدًا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون* قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون".
وبين كيف تصرف إخوة يوسف معه، حيث أردوا أن يموت بالبطيء حتى لايرون إخوته منظر القتل المباشر، قبل أن يستقروا في النهاية على بيعه، "قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين".
وعلق خالد: "بأنه إذا كانت أذية الأقارب، لكن الأذية تتواصل من أمرأة العزيز.. "وراودته التي هو في بيته عن نفسه وغلقت الأبواب وقال هيت لك"، لكنه رفض وفر منها "واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب".
وحينما رفض يوسف، بين خالد كيف كادت له امرأة العزيز، إذ قالت لزوجها: "قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم"، لكنه حاول أن يدافع عن نفسه: "قال هي راودتني عن نفسي"، ثم تتوالى الأحداث ويكون مصير يوسف المكوث في السجن على الرغم من ثبوت براءته, في تهمة محاولة اغتصاب امرأة العزيز.
وأوضح خالد أن أحداث قصة يوسف متغيرة جدًا وتسير بالعكس، بينما الثابت الوحيد فيها تقواه وإحسانه.
وختم خالد بذكر القاعدة: "ليس كل من يؤذيك سيضرك .. الضرر احتمالي وليس مؤكدًا.. تتقي الله فيكفيك الضرر من أذية الناس.. ثم تحسن فتتحول الأذية إلى سر انتصارك على من أذاك".