أفلاطون النغم القرآني: سيرة الشيخ راغب مصطفى غلوش من برما إلى العالمية
في قرية برما، بطنطا، معقل القراء والعلماء، ولد عام 1938، ذلك النجم الذي سطع في سماء التلاوة، وأصبح رمزًا فريدًا في عالم القراءات.. إنه الشيخ راغب مصطفى غلوش، "شاويش القراء" و"فارسهم" في مصر، و"هرم التلاوة الثالث" بعد الحصري وإسماعيل.
الشيخ راغب مصطفى غلوش: رحلةٌ من برما إلى العالمية
نشأ غلوش في بيئة بسيطة، حيث كان والده يطمح بأن يصبح ابنه موظفًا ذا دخل ثابت. لكن شاءت الأقدار أن يُقَدّر له طريقًا مختلفًا، ففي سن مبكرة، حفظ القرآن الكريم كاملاً على يد الشيخ عبد الغني الشرقاوي.
لم يكتف غلوش بحفظ القرآن، بل سعى لتجويده بالأحكام، وذاع صيته بين القرى المجاورة حتى وصل طنطا في سن الرابعة عشرة. وهناك، التحق بمعهد القراءات بالمسجد الأحمدي، ليصقل موهبته ويُصقل مهاراته.
في عمر العشرين، أدى غلوش الخدمة العسكرية، لكن شغفه بالتلاوة لم ينطفئ. فكان يحرص على التردد على مسجد الإمام الحسين، حيث التقى بالشيخ طه الفشنى، الذي أُعجب بصوته العذب وحضوره المميز.
الشيخ راغب مصطفى غلوش: رمزٌ للقرآن الكريم في مصر
وفي يوم اعتذر الشيخ الفشنى عن القراءة، تقدم غلوش ليقرأ محله، فحاز على إعجاب المصلين، ومن بينهم زكريا محي الدين، الذي أصدر قرارًا بضم غلوش إلى معهد القراءات.
لم تتوقف رحلة غلوش عند هذا الحد، بل قرر خوض اختبارات الإذاعة المصرية، ليصبح أصغر قارئ يُقبل في عصرها الذهبي عام 1962.
يُذكر غلوش تلك الفترة قائلاً: "في مسجد الحسين تعرفت على كبار المسئولين الذين كانوا من أكثر المشجعين لي، حتى قابلت بين رواد المسجد محمد أمين حماد مدير الإذاعة المصرية آنذاك فطلب منه الحاضرون أن يعطيني كارتاً حتى أتمكن من دخول الإذاعة وتقديم طلب الالتحاق كقارئ معتمد لها".
وُفّق غلوش في اختبارات الإذاعة، ليصبح أول شاويش يدخلها، وليبدأ رحلة إبداعية امتدت لعقود.
الشيخ راغب مصطفى غلوش: إرثٌ خالدةٌ في عالم التلاوة
لم تقتصر إبداعات غلوش على مصر، بل سافر إلى العديد من الدول العربية والإسلامية لإحياء المناسبات الدينية، ونال إعجاب الملايين بصوته العذب وتفسيره العميق للقرآن الكريم.
رحل الشيخ راغب مصطفى غلوش عام 2016، تاركًا إرثًا غنيًا من التلاوات التي تُخلّد ذكراه وتُلهم الأجيال القادمة.