توترات العالم تزيد عمليات الإنفاق العسكري.. صرف 2.4 تريليون دولار على الأسلحة خلال 2023
التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بالعالم كانت وراء ارتفاع الإنفاق العسكري في 2023، ومع استمرار تلك الأزمات سيزيد حجم الإنفاق العسكري لمستويات غير مسبوقة خلال عام 2024.
وكشف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الإنفاق الدفاعي العالمي ازداد بنسبة 7% ليبلغ 2.4 تريليون دولار، مسجلًا رقمًا قياسيًا جديدًا. وأظهرت الإحصائيات زيادات كبيرة في التسلح بأوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
وقيام الولايات المتحدة والصين وروسيا بزيادة إنفاقها العسكري بشكل كبير مرة أخرى، قد لا يكون أمرًا مفاجئًا حقًا، في ظل الأزمات الدولية. كما أن ارتفاع الإنفاق الدفاعي في كل من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأوقيانوسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية لأول مرة منذ عام 2009 أيضًا ليس بالضرورة مفاجئًا في عالم يعيش عدة صراعات.
لكن ما لم يتوقعه حتى معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، المعروف اختصارا باسم "سيبري"، هو تسجيل أكبر زيادة مئوية في بلد مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، وسط صراع طويل الأمد بين الحكومة والجماعات المسلحة، حيث بلغت النسبة 105%.
ويقول شياو ليانغ، وهو زميل باحث في برنامج "سيبري" للإنفاق العسكري والإنتاج الدفاعي: "ما أدهشنا هو حجم الزيادة في بقية العالم، وخاصة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا". ففي المكسيك والسلفادور، على سبيل المثال، استخدمت الحكومات المؤسسة العسكرية في الشؤون الداخلية لمكافحة الجريمة المنظمة وعنف العصابات، وهناك اتجاهات مثيرة للقلق مماثلة في الإكوادور والبرازيل.
ويوضح ليانغ: "ولذا فإن الزيادة في حد ذاتها ليست مفاجئة للغاية، ولكن حجمها ونطاقها أمران مفاجئان. وفيما يتعلق بالاتجاه العالمي، فمن المرجح أن نشهد زيادة أخرى في السنوات المقبلة إذا استمرت الصراعات والتوترات الحالية".
وتظل أوكرانيا المنطقة أو النقطة الأولى للصراع بعد الغزو الروسي. في عام 2023، وصل الإنفاق العسكري الروسي -كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي- إلى أعلى مستوى له منذ نهاية الاتحاد السوفييتي، حسب حسابات شياو ليانغ، وهو 5.9 في المئة. وفي الوقت نفسه، وصلت النسبة لدى أوكرانيا إلى 37% من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفقًا لـ"سيبري"، فإن الحرب تضع ضغطًا أكبر بكثير على أوكرانيا مقارنة بروسيا. ووفقًا للأرقام الأولية، تظل المعركة غير متكافئة، لكن أوكرانيا تمكنت من الصمود حتى الآن بفضل الدعم الغربي.
ويقول الخبير: "لقد قامت جميع الدول الأعضاء في الناتو، باستثناء ثلاثة، بزيادة إنفاقها. بالإضافة إلى ذلك، بلغ إنفاق أحد عشر من أعضاء الناتو، البالغ عددهم 31 عضوًا -أو حتى تجاوزوا- هدفهم المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى منذ نهاية الحرب الباردة. ومع انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، فإننا نفترض أن المزيد من الدول ستحقق أهدافها وأن الإنفاق الإجمالي لدول الناتو سيستمر في الزيادة".
عندما تنظر إلى إحصائيات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، لا تكن بحاجة إلى أن تفكر مرتين بالصراع المحتدم منذ فترة طويلة والذي أدى أيضًا إلى ارتفاع الإنفاق العسكري بشكل كبير في عام 2023: الصراع بين الصين وتايوان. فقد أنفقت الصين على جيشها 296 مليار دولار- أي أكثر من العام السابق بنسبة ستة في المئة، وهو ما يعادل نصف إنفاق بقية آسيا وأوقيانوسيا بأكملها.
وردًا على ذلك، قامت اليابان وتايوان أيضًا بزيادة إنفاقهما بنسبة 11%، ليصل إلى 50.2 مليار دولار و16.6 مليار دولار على التوالي. ويقول شياو ليانغ إن الصين تستخدم جزءًا كبيرًا من ميزانيتها العسكرية المتنامية لزيادة الاستعداد القتالي لجيشها، "جيش التحرير الشعبي".
ويوضح ليانغ: "لقد ارتفع الإنفاق الصيني بشكل مطرد لمدة 29 عامًا على التوالي، وهي أطول سلسلة من الإنفاق في أي دولة بمفردها. ويتزامن معظم ذلك مع النمو الاقتصادي، بغض النظر عن التقلبات في التوترات الجيوسياسية أو الأزمات العالمية مثل الحرب في أوكرانيا أو كوفيد-19"، مشيرًا إلى أن الصين بدورها تدفع دولًا مثل اليابان وتايوان والهند أيضًا إلى زيادة إنفاقها.
هناك تطورات ملحوظة أخرى في تقرير معهد "سيبري": في جنوب السودان، المتأثر بالعنف الداخلي وامتداد الحرب الأهلية السودانية، زاد الإنفاق العسكري بنسبة 78 بالمئة في عام 2023 مقارنة بالعام السابق. وشهدت بولندا أعلى زيادة من أي دولة أوروبية، في مواجهة التهديد الروسي، مع زيادة بنسبة 75% على أساس سنوي إلى 31.6 مليار دولار. وتحتل إيران المرتبة الرابعة في الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط، حيث يبلغ الآن 10.3 مليار دولار.