بالفيديو.. متى تتنزل النفحات الإلهية على العبد؟.. محمد مهنا يجيب
![الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر](https://media.unitedmuslimworld.com/img/25/02/06/31432.webp)
أوضح الدكتور محمد مهنا، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أنه في التصوف تعتبر الواردات هي النعم التي يكرم الله بها عباده، وهي ما يرد على قلوبهم من خواطر أو معاني قد تكون سروراً أو حزنًا، بسطًا أو قبضًا، فرحًا أو شوقًا، وهي أشياء لا تكون نتيجة لمجاهدة أو تعب من العبد، بل هي من فضل الله ورحمته.
وأشار أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، ببرنامج "الطريق إلى الله"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس إلى أن الواردات الإلهية تأتي غالبًا فجأة دون استعداد من العبد، وتعتبر "نفحات" إلهية تلامس قلب المؤمن أو روحه، وتجعله يشعر بالقرب من الله أو بالرحمة أو الأنسة.
وأضاف: "الواردات الإلهية تتجلى في أشكال متنوعة، فقد تكون واردات جمال، مثل الشعور بالفرح أو السرور، وقد تكون واردات جلال، مثل الهيبة أو الخوف من الله".
وتابع: "الواردات هي منحة إلهية لا تأتي من خلال اكتساب العبد، بل هي رحمات وهبات من الله، أما المقامات فهي درجات روحية يكتسبها العبد من خلال مجاهداته وعباداته، فعندما يلتزم العبد بالطاعة، يتدرج في المقامات، بدءًا من مقام التوبة، ثم يرتقي إلى مقام المحاسبة وهكذا".
واستكمل: "المقامات تأتي نتيجة للتقوى والمثابرة، وهي ما يتحقق للإنسان من خلال جهده المستمر في العبادة والإلتزام بطاعة الله، بينما الأحوال أو الواردات لا تأتي عن طريق المجاهدات، بل هي منحة من الله تأتي فجأة لتحرك القلوب وتضيء الأرواح".
وصرح الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، خلال مشاركته في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، بأن التصوف أصبح في العقود الأخيرة موضوعًا جدليًا تعرض للتشويه والمغالطات.
تقديم التصوف في سياقه الصحيح
وأشار وزير الأوقاف، خلال كلمته في ندوة الوزارة بمعرض الكتاب، إلى أن التصوف، الذي يعبر عن جوهر الإسلام الأصيل، قد عانى من تحميله أفكارًا سلبية وهجومًا غير مبرر، مما أدى إلى فقدان مفهومه الحقيقي لدى البعض.
وأكد الوزير أن المؤسسات الدينية الكبرى، وعلى رأسها الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، تعمل على إعادة تقديم التصوف في سياقه الصحيح، موضحًا أن هذا الجهد يستند إلى منهجية علمية رصينة تهدف إلى إبراز القيم الروحية التي يحملها التصوف، ودوره في تهذيب النفس وتعزيز الأخلاق، مما يسهم في بناء مجتمع متماسك قائم على القيم الإنسانية السامية.
وعقد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لقاءً فكريًّا في جناح المجلس بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، بعنوان "إحدى القضايا المحورية في التصوف الإسلامي".
وفي وقت سابق افتتح الدكتور أسامة الأزهري اللقاء بالحديث عن خطورة الفكر التكفيري، مؤكدًا أنه باب كل شر ومفتاح الإرهاب والتطرف.
وأوضح أن جميع تيارات العنف وحمل السلاح انطلقت من فكرة التكفير كأساس فكري، مشيرًا إلى أن هذا الفكر يمثل الخطر الأعظم الذي يهدد سلامة الأديان والمجتمعات.
وأوضح الوزير خلال حديثه أن التصوف الإسلامي يُعد العلاج الأمثل للنفس البشرية، إذ إنه يساعد الإنسان على مواجهة شهواته وتهذيب نفسه، مما ينقذه من براثن الأنانية والكبر والظلم. وأكد أن التصوف الحقيقي يعمل على غرس القيم الأخلاقية والروحانية في النفس، مما يسهم في بناء الإنسان وتوجيهه نحو الفضيلة والإيثار.
واستشهد الدكتور الأزهري بموقف للإمام سري الدين السقطي، الذي ظل يستغفر الله ثلاثين عامًا لأنه شعر بالأنانية عندما حمد الله على نجاة دكانه من حريق كبير، متناسيًا معاناة الآخرين.
وأكد الوزير أن هذا الموقف يؤكد جوهر التصوف في تعليم الإنسان اليقظة المستمرة لتطهير النفس من العلل الخفية كالكبر والأنانية، وهو ما نحتاجه بشدة لمواجهة التحديات الاجتماعية والأخلاقية.
واختتم الوزير اللقاء بنصيحة عامة بالقراءة المستمرة والتعمق في المعارف، مؤكدًا أهمية كتاب "باطن الإثم" للإمام الشهيد البوطي، في استلهام معاني التصوف وأثره في تهذيب النفس. وأشار إلى أن القرآن الكريم هو المرجع الأول الذي يقدم خطابًا إلهيًا خالدًا يعبر فوق حدود الزمان والمكان، داعيًا الجميع إلى التمسك به كدليل شامل للحياة.
وأكد الوزير أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مستمر في تقديم لقاءات فكرية ومعرفية طوال أيام معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يقام في الفترة من ٢٣ من يناير إلى ٥ من فبراير ٢٠٢٥م، مشيرًا إلى أن رسالة المجلس التنويرية تهدف إلى نشر الوعي وتعزيز القيم الروحية والأخلاقية في المجتمع.