معادلة الدم والنار في خان يونس.. كمائن المقاومة وغارات الاحتلال تعيد رسم المشهد الميداني

في تصعيد لافت على جبهة الجنوب في قطاع غزة، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها نفذت كمينًا محكمًا ضد وحدة من القوات الإسرائيلية عبر نفق مفخخ في منطقة قيزان النجار بمدينة خان يونس. العملية، التي وقعت أول أمس الأربعاء، أسفرت بحسب بيان القسام عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوة المتوغلة، ما يعكس استمرار فاعلية قدرات المقاومة في حرب الأنفاق رغم أشهر من العمليات البرية والجوية المكثفة من قبل الاحتلال.
استهداف النازحين.. قصف لا يفرق بين مقاتل ومدني
ردًا على هذا التصعيد من قبل المقاومة، شن طيران الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات العنيفة على خيام تأوي نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، وهي من المناطق التي صنّفتها إسرائيل مسبقًا كمناطق "آمنة". الغارات أسفرت عن استشهاد 38 مدنيًا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وفق ما أعلنه الدفاع المدني الفلسطيني، الذي وصف المشهد بـ"الكارثي" نتيجة تهدم الخيام على رؤوس ساكنيها وافتقار المنطقة لأي بنية تحتية طبية أو إغاثية.
معركة الأرض والسيطرة.. إسرائيل تعلن توغلاً واسعً
في سياق موازٍ، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يسيطر حاليًا على نحو 30% من مساحة قطاع غزة، واصفًا هذه المناطق بـ"منطقة تأمين دفاعية متقدمة". التصريح، الذي جاء بعد ستة أشهر من بدء العدوان في أكتوبر 2023، يعكس محاولات إسرائيل فرض واقع عسكري جديد على الأرض، خاصة بعد انطلاق عملية برية شاملة في مارس الماضي.
لكن هذه السيطرة المعلنة لا تعني بالضرورة استقرارًا ميدانيًا، إذ تشير المواجهات اليومية وكمائن المقاومة إلى أن الكلفة العسكرية لا تزال مرتفعة، وأن الاختراق الجغرافي لا يُترجم تلقائيًا إلى تفوق استراتيجي في ظل بيئة عدائية ومعقدة.
حرب استنزاف مزدوجة
من الواضح أن غزة تعيش حرب استنزاف متعددة الأبعاد: الاحتلال يستنزف قدراته في معارك داخل المدن وبين الأنفاق، والمقاومة تتعرض لضربات مكثفة تطال المدنيين والبنية التحتية، وسط تدهور حاد في الوضع الإنساني. الكمائن التي تنفذها المقاومة، مثل تلك التي جرت في خان يونس، تُظهر أن قدراتها القتالية لا تزال قائمة رغم الدمار الشامل، بينما استخدام إسرائيل للقصف الجوي المكثف ضد المدنيين يعكس محاولة يائسة لفرض معادلة ردع جديدة.
بين المطرقة والسندان
العمليات الأخيرة في خان يونس تكشف عن طبيعة الصراع المركّب في غزة: ساحة حرب كلاسيكية غير تقليدية، تتداخل فيها المواجهات البرية مع الحرب النفسية والقصف العشوائي، في وقتٍ يتآكل فيه الخط الفاصل بين المدني والعسكري. وفي ظل استمرار العدوان، فإن الحديث عن تهدئة أو حلول سياسية يبدو أبعد ما يكون عن التحقق، بينما تستمر الدماء الفلسطينية في النزف، ويتحوّل القطاع إلى رمز عالمي للمأساة والصمود.