اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

اقتحامات مدنسة وتصعيد دموي.. الاحتلال الإسرائيلي يصعّد حربه المفتوحة على المسجد الأقصى وطولكرم

اقتحام المسجد الأقصى
اقتحام المسجد الأقصى

تشهد الأراضي الفلسطينية، وتحديداً مدينة القدس ومخيمات الضفة الغربية، تصعيداً خطيراً ينذر بانفجار الأوضاع، وسط سلسلة من الاقتحامات والانتهاكات المنظمة التي تنفذها قوات الاحتلال والمستوطنون على حد سواء، في سياق ما يبدو أنه تصعيد ممنهج لفرض واقع جديد بالقوة.

اقتحامات متزامنة للمسجد الأقصى ومقبرة باب الرحمة

في مشهد استفزازي صارخ، اقتحم آلاف المستوطنين صباح اليوم الخميس، باحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بمناسبة ما يُعرف بعيد "العمال العبري" أو ما يُسمى بـ"صلاة الكهنة". وتقدمت مجموعات المستوطنين من جهة باب المغاربة، يتقدمهم عضو الكنيست المتطرف تسفي سوكوت، حيث قام بأداء سجود تلمودي في مشهد يكرّس سياسة التهويد وفرض الطقوس الدينية داخل أقدس المقدسات الإسلامية.


في الوقت نفسه، شهدت مقبرة باب الرحمة، الواقعة في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى، اقتحاماً مماثلاً من قبل المستوطنين، أدوا خلاله طقوساً تلمودية قرب قبور لعدد من الصحابة والعلماء والقادة المسلمين، في انتهاك صارخ لقدسية المكان ومشاعر المسلمين.

اللافت أن هذه الاقتحامات تأتي ضمن موجة متزايدة من الاعتداءات على المقدسات الإسلامية، تترافق مع تصريحات لقيادات إسرائيلية متطرفة تسعى لتغيير الوضع القائم في القدس، وتحويل الصراع من سياسي إلى ديني بحت، ما يهدد بتفجير الأوضاع على نطاق أوسع.

الشهيد مصعب عديلي.. وجه آخر لجرائم الاحتلال داخل السجون


في تطور مأساوي آخر، أعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، استشهاد المعتقل مصعب حسن عديلي (20 عامًا) من قرية أوصرين جنوب نابلس، داخل سجون الاحتلال، بعد احتجازه منذ 22 مارس الماضي، دون تلقيه الرعاية الطبية اللازمة.


كان من المقرر الإفراج عنه بعد ثلاثة أيام فقط، إلا أن تقاعس سلطات الاحتلال في تقديم العلاج اللازم أدى إلى استشهاده، ليرتفع بذلك عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 301 شهيدًا منذ عام 1967، منهم 64 شهيدًا منذ السابع من أكتوبر 2023، معظمهم من قطاع غزة.


استشهاد عديلي يُمثّل تجسيدًا مأساويًا لسياسات القمع والإهمال الطبي المتعمد، والتعذيب، والتجويع، التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون، والتي تعتبرها المؤسسات الحقوقية جرائم حرب ممنهجة تستدعي مساءلة دولية عاجلة.


طولكرم تحت النار

في موازاة ما يحدث في القدس، تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مدينة طولكرم ومخيماتها (مخيم طولكرم ونور شمس)، لليوم الـ81 على التوالي، وسط تصعيد ميداني غير مسبوق شمل اقتحامات يومية، عمليات دهم واعتقال، قصف بالرصاص الحي والقنابل الصوتية، وتهجير قسري للسكان.


وقد استهدفت قوات الاحتلال خلال الساعات الماضية العديد من الأحياء السكنية مثل شارع نابلس، الحي الشرقي، وسوق الخضار، إضافة إلى عمليات ترويع واعتقال للشبان بعد مداهمة منازلهم وتحطيم محتوياتها. كما تم تحويل عدد من الأحياء إلى ثكنات عسكرية مغلقة، أبرزها الحي الشمالي وشارع المحاكم.


وأسفرت هذه العمليات عن استشهاد 13 مواطنًا بينهم طفل وامرأتان إحداهما حامل، إضافة إلى تهجير أكثر من 4000 عائلة من منازلهم، وتدمير واسع للبنية التحتية والممتلكات، حيث تم تدمير 396 منزلاً كليًا و2573 جزئيًا في مخيمي طولكرم ونور شمس.


المشهد العام يوحي بأن الاحتلال الإسرائيلي بصدد تنفيذ خطة متكاملة من التصعيد الشامل، تهدف إلى تثبيت الوقائع الاستيطانية في القدس، وإنهاك البنية الاجتماعية الفلسطينية في الضفة الغربية عبر الترويع والتدمير والاعتقال الجماعي. هذه السياسات لا تأتي في سياق ردود فعل عشوائية، بل ضمن رؤية أمنية واستراتيجية واضحة لإعادة هندسة الواقع الفلسطيني بما يخدم المخطط الصهيوني.


وفي ظل صمت دولي مريب، وعجز النظام الحقوقي الدولي عن فرض محاسبة على دولة الاحتلال، تتصاعد الدعوات الفلسطينية بضرورة تفعيل آليات العدالة الدولية، وعزل إسرائيل قانونيًا وسياسيًا، باعتبارها قوة احتلال ترتكب جرائم حرب موثقة ضد المدنيين والمقدسات.