اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

مبادرة فرنسية لإنهاء حرب غزة.. تطبيع سعودي - إسرائيلي مشروط واعتراف أوروبي مرتقب بالدولة الفلسطينية

ماكرون ونتنياهو
ماكرون ونتنياهو

في خضم الجمود السياسي والعسكري المستمر في قطاع غزة، وتحت ضغط الرأي العام الدولي، كشفت تسريبات إسرائيلية وفرنسية متقاطعة عن مبادرة فرنسية جديدة تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، عبر هندسة تسوية شاملة تربط بين وقف إطلاق النار، والتطبيع بين السعودية وإسرائيل، والاعتراف الدولي المتصاعد بالدولة الفلسطينية.

خطة باريس.. اتفاق دون اعتراف مباشر

وفقاً لما نقلته صحيفة هآرتس، تسعى فرنسا للترويج لما أسمته "اتفاقاً شاملاً" يقوم على انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من غزة، وتطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، مع إنشاء آلية مراقبة تسمح لإسرائيل بتنفيذ ضربات في غزة عند الضرورة، مشابهة لآلية وقف إطلاق النار في جنوب لبنان. المثير للجدل أن المقترح لا يُلزم إسرائيل بالاعتراف الصريح بالدولة الفلسطينية، بل يكتفي بعبارات "غامضة" توحي بدعم فكرة الدولة دون الالتزام بها.

لا تطبيع دون دولة فلسطينية

رغم محاولة باريس تغليف الخطة بمرونة سياسية، يؤكد مستشار الرئيس الفرنسي للسلام في الشرق الأوسط، عوفر برونشتين، أن لا دولة عربية، خصوصاً السعودية، ستقبل بتطبيع كامل دون اعتراف إسرائيلي بدولة فلسطينية ذات سيادة. ويضيف أن الرأي العام العربي والغربي بات أكثر صرامة حيال ممارسات إسرائيل، خاصة في ظل مشاهد الحرب المروعة في غزة.

وتسعى فرنسا، بحسب برونشتين، لتوسيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال مؤتمر دولي تشارك في تنظيمه مع السعودية، مع احتمالية نقله إلى نيويورك ليحظى بزخم أممي ودعم أوسع، في وقت أكد فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه "سيتحرك نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال الأشهر المقبلة"، ربما خلال المؤتمر المرتقب في يونيو 2025.

السعودية.. الموقف الثابت لا يقبل المساومة

في المقابل، حافظت السعودية على موقفها "الراسخ والثابت"، حيث أكدت وزارة الخارجية في أكثر من مناسبة أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو شرط لا يقبل المساومة لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. كما شدد ولي العهد محمد بن سلمان في عدة محافل، منها خطابه في مجلس الشورى والقمة العربية الإسلامية في الرياض، على أن المملكة لن تقبل بأي تسوية لا تنص صراحة على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.

ماكرون ونتنياهو.. خلاف علني ونيران عائلية


التصريحات الفرنسية الأخيرة قوبلت بهجوم حاد من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصف اعتزام ماكرون الاعتراف بالدولة الفلسطينية بـ"الخطأ الجسيم"، متهماً باريس بالنفاق، في إشارة إلى رفضها استقلال أقاليم فرنسية مثل كورسيكا وكاليدونيا الجديدة.
الرد الأكثر حدة جاء من نجل نتنياهو، يائير، الذي كتب على منصة "إكس": "تباً لك، ماكرون... أوقفوا الإمبريالية الفرنسية في غرب إفريقيا"، وهي عبارات فتحت باب الجدل داخل إسرائيل وخارجها حول أسلوب التعامل مع حلفاء غربيين مهمين مثل فرنسا.

أفق المبادرة.. بين طموح باريس وواقع المنطقة

رغم الطابع الشامل والطموح للمبادرة الفرنسية، تبدو التحديات أمامها هائلة. فإسرائيل بقيادة نتنياهو لا تزال ترفض الاعتراف بدولة فلسطينية، في حين تصر الدول العربية على هذا الاعتراف كشرط لأي خطوة تطبيعية. وبين الموقفين، تحاول فرنسا ملء فراغ الدور الأميركي المتراجع، مستندة إلى تحركاتها السابقة في ملفات معقدة مثل لبنان، ومحاولة تكرار النموذج عبر غزة.
في الوقت نفسه، تظهر إشارات أن باريس تحاول ربط الملف الفلسطيني بملفات إقليمية أخرى مثل الاتفاق النووي الإيراني والحرب في أوكرانيا، مما يضفي على الخطة طابعاً جيواستراتيجياً يتجاوز الشرق الأوسط.

موضوعات متعلقة