استخدام الذكاء الاصطناعي وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية
- النجدي: كعلم من العلوم لا حرج فيه ما دام قد خلا من المحظورات الشرعية
- العليمي: أهمية تشريع قوانين ضابطة لاستخدامه وتدابير الأمن السيبراني
- الشمري: يعد طفرة علمية سهلت على الناس معاملاتهم وانتفع به الناس كثيراً
- السويلم: القانون يعاقب على جرائم التواصل الاجتماعي ولم يعالج مشكلات الذكاء الاصطناعي
الإسلام حث على الابتكار والاختراع وأحاط تلك الابتكارات العلمية بسياج أخلاقي على أساس الإصلاح وعدم إلحاق الضرر بالنفس أو الغير. ومن ضمن تلك الوسائل الذكاء الاصطناعي.. فهل استخدامه جائز شرعا أم محرم؟
يقول الشيخ د ..محمد الحمود النجدي: الذكاء الاصطناعي كعلم من العلوم لا حرج فيه طالما قد خلا من المحظورات الشرعية، وأنه من الأمور المباحة لما فيه من منافع للإنسانية، وطبقا لما هو مقرر في شريعتنا من أن الأصل في الأشياء الإباحة والحل، حتى يأتي على دليل تحريمها، بدليل عموم قوله تعالى: (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه) (الجاثية: 13) ويقول الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: لست أعلم خلاف أحد من العلماء السالفين، في أي ما لم يجئ دليل لتجريمه، فهو مطلق غير محجور.
وأكد د.النجدي ان كل ما هو مصلحة مطلوب، فقد جاءت الأدلة بطلبه، وكل ما هو مضر فهو منهي عنه، وتضافرت الأدلة على منعه، فجميع أحكامه سبحانه وتعالى متكفلة بمصالح العباد في الدارين، ومقاصد الشريعة ليست سوى تحقيق السعادة الحقيقية لهم، فمن ذلك مثلا: الإنسان الآلي وهو آلة ميكانيكية مصنعة على هيئة إنسان، مبرمجة سلفا للقدرة على القيام بأعمال معينة سواء في المنازل او المصانع ونحو ذلك ولها ذاكرة لاستقبال المعلومات وإعطائها في مجال معين، وغالبا ما تكون الأعمال التي تبرمج على أدائها أعمالا شاقة أو خطيرة أو دقيقة، مثل البحث عن الألغام، والتخلص من النفايات المشعة أو أعمال صناعية دقيقة او شاقة فلا شك في إباحة ذلك لمنفعته العظيمة للناس، أما إن كان الغرض الذي صنعت له هذه الآلة غير مباح شرعا أو يؤدي إلى مفسدة فتكون محرمة ولا يجوز استخدامها فيه. وزاد: مع التنبيه والنظر الى النصوص التي تحذر من صناعة الصور التي تجسد الإنسان وغيره من ذوات الروح، وتبين عقوبة من يزاول هذا العمل، فحرمة اتخاذ التماثيل، متقررة شرعا، وأنها من أعظم أسباب الشرك بالله رب العالمين، حيث كانت سببا في كفر أغلب الأمم وأكثرها، لابد من الانتباه له.
من جهته قال د راشد العليمى: الذكاء الاصطناعي، هو من العلوم الحديثة على عامة الناس، وليس على خاصتهم من العلماء، حيث هو موجود منذ عقود ماضية، وتم الفسح له بالتعامل لعام الناس حديثا.
والحديث هنا هو في جانب محدد وهي قضية الحكم الشرعي في مشروعية التعامل بهذا العلم الجديد أو حظره؟ ومن المعلوم في قواعد الشريعة أن التعاملات التي يتعامل بها الناس، ومن تلك العلوم الحياتية التجريبية حكمها الإباحة في أصلها، فلا يمكن أن نجعل المنع أساسا في بداية الأمر، فهذا الحكم حكمها الإباحة في أصلها، فلا يمكن أن نجعل المنع أساسا في بداية الأمر، فهذا الحكم حكمه مشروعية العمل به، لكن إذا تعلق بهذا المشروع التقني ما يقربه للمخالفة الشرعية فإن الحكم يتغير بعد ذلك.
ومما لا شك فيه أن هذا العلم له فوائد كثيرة ومنافع لا يمكن تقصيها، من ذلك تسهيل انتاجية الناس في المصانع والمعامل والأبحاث، من خلال إيجاد آلات متقنة العمل تعتمد على الحوسبة ذات الذكاء الاصطناعي التي تبعد الخطأ في المصنوعات الحديثة، أو في إجراء عمليات جراحية، أو إنقاذ حياة الناس في مواطن الخطر، وهذا ما يؤكد إباحة التعامل فيه.
لكن على الجانب الآخر فواجب الانتباه إلى محاذير فيه ومن ذلك ما يكون فيه من تقنيات محاكاة لصور الناس من المشاهير وصناع القرار، أو اصطناع صوت مشابه لأي فرد من الناس، والتلبيس على الناس في هذا، وهذا يدخل فاعله في التزوير والتشويش للحقائق والآراء، أو استخدامه في الامور المخلة بالآداب أو قوانين الدولة بالتلاعب بقراراتها، أو كشف خصوصيات الناس، وهتك استارهم، فهنا يكون الحكم عليه بالتحريم، ولهذا يجب النظر اليه وفق الضوابط القانونية.
أو استخدامه في تعطيل الفكر البحثي عند الباحثين في مجال الدراسات العليا، وجعل المجال التفكيري خاملا لديهم من خلال الاتكال على مجال الذكاء الاصطناعي في تجهيز الأبحاث في وقت قصير، مع فقده لدربة البحث عن الباحث في النظر إلى البحث.
لهذا فإن من الأهمية بمكان المسارعة بتشريع قوانين ضابطة لاستخدام هذا العلم الجديد من خلال تقنين قوانين صارمة لهذا العلم الجديد، وتفعيل ما يتعلق بتدابير الأمن السيبراني، وفي الختام أقول إن هذا العلم فيه نفع كبير، لكن على الجانب قد يجلب على في استخدامه الضرر والإساءة للدول، أو عموم الناس.
ويضيف الشيخ سعد الشمري قائلا: من قواعد شريعة الاسلام أن الأصل في الأشياء والعادات الاباحة إلا ما دل الدليل على تحريمه او كراهته، ولاسيما ما فيه خير للناس ونفع لهم وخاصة في هذا العصر الذي يعيش الناس فيه طفرة تكنولوجية عجيبة سهلت على الناس أمورهم وفي معاملاتهم ومراسلاتهم وشؤونهم من المعاملات والبريد والتبادل التجاري والصحة والتعليم وشؤون العسكر والجيش وأمن المطارات وأمن الناس وغير ذلك مما انتفع منه الناس كثيرا جدا فقلل شيئا كبيرا من وقوع الجرائم وهذا مثال من عشرات الامثلة مما يدل على حجم الفائدة، ومن ذلك الذكاء الاصطناعي فكأنه عقل يدبر ويخطط ويدلل وينذر وكل ذلك على معلومات مسبقة على ضوئها يصدر قرارا أو حكما أو نتيجة والاصل في استخداماته والانتفاع منه انه مباح لا شيء فيه إلا إذا استعمل في أمور محرمة وفيها كشف اسرار الناس وهتك أستارهم او الاحتيال على أخذ مال أو الافتراء على بريء وإلصاق به تهمة أو قول باطل يجره الى أن يحاسب او نسبة فتوى الى عالم معتد به لم يفت بها او أخذ ذلك على سبيل الاستهزاء والسخرية ومحاكاة الناس ولا سيما ذوو الهيئات منهم والسمت الحسن لإضحاك الناس وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله. والله أعلم.
وبسؤال المحامي منصور السويلم عن قانون يجرم نشر المعلومات المضللة والمنحرفة عبر الذكاء الاصطناعي، قال: حمى المشرع الكويتي الافراد من اضرار ومخاطر وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، فقام بتنظيم القانون رقم 63/2015 بشأن جرائم تقنية المعلومات، فعاقبت المادة 6 بإحالتها للعقوبات الواردة في قانون المطبوعات والنشر رقم 3/2006 من يستخدم تقنية المعلومات للمساس بكرامة الافراد، كما عاقب القانون كل دخول غير مشروع الى حاسب آلي او نظامه او اتلاف او تدمير البيانات الواردة فيه بالعقوبة المنصوص عليها بالمادة 2 من القانون سالف الذكر.
وعاقب القانون كل من أعاق او عطل عمدا الوصول الى موقع خدمة الكترونية بالعقوبة المنصوص عليها بالمادة 4، فالقانون عالج مشاكل التواصل الاجتماعي وجرائم البيانات التي تتمثل في استخدام الحاسب الآلي للدخول غير المشروع للمواقع الالكترونية بغية تدميرها او اتلافها، لكن لم يعالج القانون مشاكل الذكاء الاصطناعي الذي يتمثل بقيام البرامج الالكترونية بعمل الانسان، فإذا نشر احدهم قصة طلبها من احد برامج الذكاء الاصطناعي وكان فيها مساس بكرامة الاشخاص او تعدّ على حقوق الملكية الفكرية فإن من ينشرها بالسوشيال ميديا يحاسب بحسبانه مسؤولا عن النتائج المترتبة على فعله اذا اكتملت اركان الجريمة، ولكن مبرمج البرنامج او مالكه الذي يعطي للمستخدمين قصصا مزورة او بيانات كاذبة لا يحاسب نتيجة القصور التشريعي الذي لم ينظم الذكاء الاصطناعي.