قرطبة الأندلس .. تاريخ مسجد تحوّل إلى كاتدرائية في صراع التأريخ والهوية
في قلب قرطبة الأندلسية، يروي مسجد قرطبة قصة تحول دراماتيكية، حيث شهد تحوله الرمزي من معلم إسلامي بارز إلى كاتدرائية مسيحية. يُعد مسجد قرطبة، الذي يُعرف أيضًا بالمسجد الكبير بقرطبة، ثاني أكبر مسجد في العالم في القرن الثالث عشر، تحفة معمارية تبهر العالم.
تاريخ البناء والتحول:
بُني جامع قرطبة في عام 784 ميلاديًا على يد الأمير عبد الرحمن الداخل، وشهد على مر العصور توسيعات وترميمات عدة. وفي عام 987، قام المنصور بن أبي عامر بآخر إضافاته على يد المسجد. لكن تحول المسجد كان وشيكًا، حيث أصبح "كاتدرائية تناول العذراء" بعد سقوط قرطبة في يد فرديناند الثالث في عام 1236.
التصميم والفن:
يتميز مسجد قرطبة بتصميمه الذي يتجاوز التصاميم الإسلامية الأخرى في العصور الوسطى. يعتمد على الأقواس المميزة والأعمدة الرخامية، ويتسم بالسقف المزين بالذهب والرسوم الملونة. يمتاز بالأقواس التي تجسد صحراء العرب ونخيلها.
الصراع على الهوية:
رغم أن المسجد دخل قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1984، فإن الصراع حول هويته استمر. تحوّلت الملكية من الحكومة الإسبانية إلى الكنيسة الكاثوليكية في 2006، مما أثار اعتراضات المسلمين والداعمين لحقوقهم التاريخية.
رفض للتغيير:
على الرغم من التقارير التي تشير إلى أن المسجد لم يكن يومًا ملكًا للكنيسة، إلا أن الحكومة الإسبانية رفضت إلغاء أي إشارة إسلامية للمسجد. في 2016، أزيل اسم المسجد من المواقع الإلكترونية والدليل السياحي.
تحول جديد:
بعد ضغوط ومطالبات، وافقت السلطات الإسبانية على إعادة تسمية المبنى بـ "مجمع المسجد والكاتدرائية والنصب"، لتعيد إلى المسجد هويته الإسلامية. هذا التحول يشير إلى صراع دائم بين التاريخ والهوية في أحد أبرز المعالم التي شهدت تحولات مماثلة في أوروبا والعالم.