بقيع مصر.. أرض الشهداء وقبلة البدريين
بمجرد أن تطأ قدماك أرض قرية البهنسا بالمنيا، يسكنك شعور بالأريحية وعبق التاريخ؛ فتلك القرية تفوح منها رائحة طيبة، وتهب عليها نسمات عطرة، وكيف لا وهى أرض تسكن بها أجساد طاهرة وتضم مقابر الصحابة والصالحين وترتوي بدمائهم الطاهرة الذكية فصارت أرض الشهداء والبقيع الثاني بعد بقيع المدينة المنورة أو بقيع مصر؟!
والبهنسا بمحافظة المنيا بصعيد مصر من الأراضي المباركة التي تضم مقابر عدد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقع بصعيد مصر في محافظة المنيا مركز بني مزار، وتشتهر بأنها أرض الشهداء وبقيع مصر؛ لأنها شهدت وتشرفت بقدوم عدد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم إبان الفتح الإسلامي لمصر بقيادة الصحابي الجليل عمرو بن العاص في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، أيام حكم الرومان لمصر واستُشهدوا ودُفنوا بها في أثناء الفتح الإسلامي عام 22 هجرية، وسميت البقيع الثاني أو بقيع مصر لكثرة المسلمين الذين استُشهدوا بها، وضمت مقابر عدد من الصحابة وآل البيت، رضي الله عنهم، والتابعين وتابعي التابعين والعلماء والأولياء الصالحين. وكانت البهنسا في العصر الفرعوني عاصمة الإقليم التاسع عشر وملتقى الطرق بين وادي النيل.
وكما يروي المؤرخون، وخاصة أيمن عواد مفتش آثار البهنسا، أنه حضر إلى البهنسا 10 آلاف عين رأت النبي، صلى الله عليه وسلم، و70 بدريًّا ممن شهدوا غزوة بدر مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والأمراء والسادات وأصحاب الرايات، ودُفن بأرض البهنسا نحو 5 آلاف صحابي، رضوان الله عليهم جميعًا، ويقول إن قبة البدريين من أهم معالم المنطقة الإسلامية ومدفون بها الصحابة الذين حضروا غزوة بدر مع صلى الله عليه وسلم، وجاءوا مع الفتح الإسلامي عام 21هـ في هذا المكان، وتم بناء قبة حول قبورهم سُميت قبة البدريين، ومنهم عقبة بن عامر الجهني وقلاع الحميري وعقبة ابن أبي سعيد بن الخطاب وهشام النجار وعبد الله بن الجمود.
ومن أشهر الأماكن بقرية البهنسا بقيع مصر 18 قبة ضريحية للصحابة والتابعين، ومنها قبة البدريين وقبة البنات السبع وقبة سيدي جعفر وعلي أولاد عقيل بن علي بن أبي طالب وقبة ومقام الأمير زياد بن الحارس بن أبي سفيان بن عبد المطلب.