﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾.. كيف يحبك الله؟ خطوات بسيطة لتفوز برضا الرحمن
الإنسان مفطورٌ بطبيعته على التعلق بربه جل وعلا، قال سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من مولودٍ إلا يُولد على الفِطرة فأبَوَاه يُهَوِّدانِه أو ينصِّرانِه أو يُمَجِّسانِه...».
والمحبة عزيزي القارئ عمومًا تعني: إرادة ما تراه أو تظنه خيرًا؛ وهي على ثلاثة أنواع:
- محبة للذة كمحبة الرجل المرأة، ومنه ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً ﴾.
- محبة للنفع كمحبة شيء ينتفع به، ومنه ﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾.
- محبة للفضل كمحبة أهل العلم بعضِهم لبعض لأجل العلم.
والمحبةُ وميلُ القلب أمرٌ غير مقدورٍ للعبد؛ بل هو من الله تعالى لا يملكه العبد، ويدل له ﴿ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ بعد قوله: ﴿ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ﴾، وبه فُسِّر ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾.
الشواهد على محبة الله لعباده الصالحين
ورد في القرآن الكريم آيات متعددة تثبت أن الله يحب عباده الصالحين؛ قال الله تعالى: ﴿يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾. ولذلك رد سبحانه على من ادعى أنه حبيبُ الله فقال: ﴿قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾.
المحبة الإلهية
وقال الإمام ابن الجوزي: إن محبة الله عز وجل للعبد ليست بشغف كمحبة الآدميين بعضِهم بعضًا. فليست محبة الله كمحبة الآدميين؛ وإنما يحب من أطاعَه.
ونظم ابن القيم في نونيته عن المحبة الإلهية فقال:
وتمامُ ذاك القولِ أنَّ محبةَ ال ... رحمن غيرُ إرادةِ الأكوانِ
وكلاهما محبوبه ومرادُه ... وكلاهما و عندَه سيانِ
إن قلتمُ: عنديَّةُ التكوين فال ... ذاتانِ عندَ الله مخلوقانِ
أو قلتمُ: عنديَّةُ التقريبِ تق ... ريبِ الحبيب، وما هما عِدلانِ
فالحب عندكم المشيئةُ نفسُها ... وكلاهما في حكمها مثلانِ
لكنْ منازِعكم يقول بأنها ... عنديَّة حقًّا بلا روغانِ
جمعتْ له حبَّ الإله، وقربَه ... من ذاته، وكرامةَ الإحسانِ
والحبُّ وصفٌ، وهو غيرُ مشيئةٍ ... والعند قربٌ ظاهر التبيان