ما حكم تقبيل يد العلماء والصالحين عند المصافحة؟ إجابة شرعية
نسعى في «اتحاد العالم الإسلامي» إلى نشر التوعية الدينية بكل الأمور الشرعية؛ وعليه نخصص قسم «فتاوى إسلامية» للإجابة على أسئلة المسلمين الشرعية، والمختلفة.
ونستعرض في موقع «اتحاد العالم الإسلامي» من خلال حرصنا على تناول القضايا الدينية التي تمس حياة الملايين من المسلمين، وتدور بين ما يجول بخاطرهم من استفسارات حول أحكام الشريعة؛ وفي إطار حرصنا على تلبية احتياجات القرَّاء، والرد على استفساراتهم من خلال المعلومات الموثقة، والمعتمدة من الجهات الدينية الرسمية، انطلاقًا من دورنا الإعلامي التوعوي، والتثقيفي ما يلي:
وقد تحتاج عزيزي القارئ، إلى مطالعة هذا الموضوع المهم، لتنمية ثقافتك الدينية، أو لتساهم معنا في بث العلم النافع، ونشره؛ في إطار الدور الإيجابي، والمساهمة الفاعلة في تنمية المجتمع، ونشر صحيح الدين.
حكم تقبيل يد العلماء
ويتوجه العديد من العوام وطلاب العلم إلى مصافحة العلماء وحتى تقبيل يد الصالحين، وفي هذا السياق، وجه أحد المواطنين سؤالاً سؤالًا يتعلق بحكم مصافحة العلماء والصالحين بتقبيل اليد بنية التبرك؟.
وفي إجابتها على هذا الاستفتاء، أكدت الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، أنه وفقًا للسنة النبوية، يُشجع على مصافحة العلماء، حيث صحت مصافحة النبي ﷺ لأصحابه بعد الصلاة، وكذلك تبركهم بالسلام عليه ومسّ يده الشريفة، وأشارت إلى عدم وجود نهي عن ذلك.
وقدمت دار الإفتاء، دليلاً على ذلك عن أَبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ، وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ"، قال أبو جحيفة: "فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ" أخرجه البخاري في "صحيحه".
وأضاف المفتي مدللًا بأن هناك أحاديث كثيرة تُظهر شرعية التبرك بمس كف من يُرجى بركته، سواء كان ذلك بالمصافحة، أو المسّ على أعضاء الجسم، مستشهدًا بآراء الإمام الطبري وتأييده لهذه الأحاديث.
وعن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه رضي الله عنه أنه صلى مع النبي ﷺ صلاةَ الصبح، قال: فقام الناس يأخذون بيده يمسحون بها وجوههم، قال: فأخذتُ بيده فمسحتُ بها وجهي، فإذا هي أبردُ من الثلج، وأطيبُ ريحًا من المسك" أخرجه أحمد، والدارمي في "مسنديهما"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وأصله عند أبي داود والترمذي في "السنن"، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان أيضًا».
وقال مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة: «يشرع هذا بشرط الا يكون للدنيا، من الكبر، أو الجاه، ونحوه، ودليل ذلك أن وفد عبد قيس لما أتوا مسلمين إلى النبي ﷺ قبلوا فوق يديه ورجليه».
وأكمل المفتي الأسبق: «التقى أنس بن مالك، وابن عباس فقبَّل ابن عباس يد أنس، وقبَّل أنس يد ابن عباس، وعندما سُئل ابن عباس قال هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء، ولما سُئل أنس لماذا قبلت يد ابن عباس، قال هكذا امرنا أن نفعل بأهل البيت فابن عباس ابن عم النبي ﷺ».
وأشار جمعة، إلى أنه يُشرع تقبيل يد العالم أو من يُعتبر من الصالحين شريطة ألا يكون ذلك لأغراض دنيوية كالكبر والجاه، مشيرًا إلى أن هذا يأتي استنادًا إلى تصريحات النبي ﷺ وممارسته لذلك مع وفد عبد قيس.
وختم المفتي الأسبق بتوضيح أن هناك أمثلة عديدة في التاريخ الإسلامي تُظهر قبول الصحابة والتابعين لتقبيل يد بعضهم بعضًا، مؤكدًا أن ذلك يُشرع في حالة توجيهه لأهداف صالحة كالتبرك أو التودد.