الزواج مودة ورحمة.. لا شقاء وقسوة
نحمد الله أن جعل الحياة بعد الزواج أمنا وسلاما وسعادة واستقرارا لأن مبناها على المودة والرحمة، فالرجل والمرأة قبل الزواج شىء وبعده من المفترض شىء آخر.
فقبله غالبا حالة من التشتت والوحدة والانفراد، فى حاجة إلى من يكلمه ويسمعه، ينتظره ويسأل عنه، يفتقده ويقلق عليه، وكذا المرأة يسعد بسعادته ويفرح لفرحه ويحزن لحزنه ويبكى على همه، ويكون سندا له، ومستشارا له ومدافعا عنه، وكذلك المرأة.
فيجدان هذا فى الزواج وزيادة حيث ينتظر كل الزوجين الآخر يقصُّ عليه ما كان من يومه يتبادلان النصيحة ويعملان بالمشورة، ويضربون للسعادة مثلا يحتذى به وطريقا يسير الناس عليه، ويرتبون لأسرة مترابطة قائمة على كل خير وسعادة واستقرار، ولسانهما بالدعاء يسارع الكلمات يطرق أبواب السماوات.
ربنا أدم علينا الخيرات والبركات وارزقنا ذرية طيبة صالحة من البنين والبنات، نعيش بها على طاعة رب الأرض والسماوات ونربيها على هدى سيد الكائنات لنحى بها مجتمعا طيبا يتقدم ويرقى بسواعد الأبناء والبنات وننعم جميعا فى الأخرة برضا الله والسكن مع حبيبه فى الجنات.
من أجل هذا ولغيره شرع الله الرباط المقدس بين الرجال والنساء وهو الزواج، هنا نؤجر أجرا عظيما وننال جزاء موفورا من الله، لأننا أقمنا سنته وأحيينا شريعته وعمرنا أرضه، لذا كان لزاما مراعاة التكافؤ بين الزوجين قبل الزواج من كل ناحية، وحسن الاختيار هو أساس النجاح والإعمار.
لأن الحياة لا تخلو من مشكلة هنا واختلاف وجهة نظر هناك، وربما اشتد الأمر فوصل إلى خلاف واحتد النقاش فوصل إلى نزاع هنا يأتي ما أسسنا له من حسن الاختيار والتكافؤ ومن المفترض أننا أهَّلْنا طرفى الزواج قبل الزواج من حيث المدارسة نظريا فى المدارس والجامعات والمساجد وثقفناهم بحقوق كل زوج على الآخر وواجبات كل زوج على الآخر، وكيف يتناقشان وكيف يختلفان وأن الحياة الزوجية مقدسة وميثاق غليظ وعقد متين وعهد حكيم، وعمليا فى بيوتنا الرجال والنساء على السواء من خلال معاملة الآباء للأمهات والعكس.
هكذا نعدهم لأجمل رسالة وأعظم غاية، هكذا الزواج لا غير ذلك،
هنا يكون الأجر كذلك على قدر المشقة والمعاناة والتحمل، لكن إذا اشتد الخلاف واحتد النزاع واستحال الاستمرار وتوقفت الحياة لأسباب معتبرة ولأمور معقدة، هنا يأتي الشرع بحل بعيدا عن الضرب المبرح والسب والقذف واللعن والخوض فى العرض والنيل من الشرف وأحيانا القتل
وهو الطلاق وله أصوله وقواعده وعقوده التى تحفظ حق الطرفين وما بينهما من أولاد وما معهما من بنات، إذا فى كلتا الحالتين الأمور تعالج بسلمية وتسير بيسر وتحل بالشريعة.
والسؤال لماذا العنف والذى قد يؤدى إلى القتل طالما أن الأمر هكذا فى الزواج وأحسن منه فى الطلاق ؟؟؟
ربما يعود الأمر إلى بُعْدِ أصحابه عن الدين والشريعة والتى ترتب هذه العلاقة كما قلنا فيفقد الحلول المقنعة والطرق المرضية فيدخل الشيطان ، والشيطان كما نعلم لا يدخل إلا بشرٍّ وهمٍّ وغمٍّ ، ولكن للأسف فينا ومنا من يتبعه بعمى ويقلده عن هوى بل ربما يتخطاه فى الفكر فيصبح الشيطان عنده تلميذا.
هنا خرجت المودة وانعدمت الرحمة فيكون التعامل بمبدأ القوة والشر والتى يغذيها الشيطان من الإنس أو الجن فتنتهى حياة أحد الطرفين أو كلاهما بالقتل، وربما كان للقياس نصيب وهنا مصيبة الناس فى زماننا حيث يقيس الزوج جمال زوجته على أخرى رأها فى فيلم أو مسلسل أو فى أحد مواقع التواصل الإجتماعي فيفقده الشيطان جمال زوجته والتى كان يوما ما مقتنعا راضيا بجمالها وربما كانت بينه وبين أخرى زين الشيطان له جمالها فتبطر على عيشته وتمرد على زوجته وضرب بأسرته عرض الحائط وهنا يختلق المشكلات أو يكبرها، وهى كانت موجودة من قبل وكانت تمر نفس المشكلات بسلام لكنه الحدث الجديد فى حياته وهنا ربما يؤدى هذا إلى خلاف على أقل وأتفه الأسباب فيؤدى إلى القتل.
وكذا نفس الكلام على زوجة متمرده على عيشتها كارهة لحياتها ، لأسرتها ناسية، ولا نعفى أبدا سوء فهم البعض لوسائل التواصل االاجتماعيوسوء تعاملهم معه من الأزواج والزوجات والعلاقات الممنوعة والمحرمة تارة، وقياس جمال الزوجة وجمال الزوج ومدى نجاحأسرتهما بالنسبة للأسر التى توجد على هذه المواقع.
ولا نهمل دور المخدرات والمسكرات، فهى أساس لكل بلية وأصل لكل مصيبة فمعها يغيب العقل وربما يمرض أو حتى يموت وهو الجوهرة المكونة التى أتمنه الله عليها وفضله بها وسيحاسبه عليها ويسأله عنها وهو مناط التكليف فيه والتمييز عنده، غَيَّبه بفعل فاعل وعطله عن عمله وهو عامد فدخل بيته بغير عقله فتطور الأمر بينه وبين أهله فكان القتل أيسر أمره.
كذلك قسوة القلب بسبب كثرة مشاهد الدماء والقتل والسلاح فى معظم الأعمال الغير فنية والتى هى أبعد من الواقع التى تقول بأنها تتحدث عنه بل والله هى التى صنعته ونشرته ، بكثرة هذه الأعمال وتكرارها قسى القلب فأصبح القتل هينا لينا سهلا ميسرا، ولا ننسى أن كثرة القتل من علامات الساعة وقد سماه نبينا الهرج ، والعجيب أن القاتل لا يعرف لماذا قَتَلَ ؟ والمقتول لا يعرف لماذا قُتِلَ ؟
وربما كان للفقر نصيبا فى هذا ، لكن أين الرضا من الله وعن الله والصبر على قضاء الله وقدره واحتساب مرَّ الحياة عنده ، وأن الناس متفاوتون فى الأرزاق وهم فى هذا درجات ، ربنا ينقم الزوج حياته وكذا الزوجة فيكون القتل أسرع وسيلة للتخلص من هذا الفقر ، ولو نظرا لعلما أن هناك من هو أشد فقرا وأكثر حاجة لكنه صبر وقدم رضا ربه على رضا نفسه، كل هذا بسبب البعد عن الدِّين وفقد الصلة برب العالمين والعيش على غير هدى نبينا الأمين وقلة الصلة بالعلماء الربانيين والأئمة المصلحين ومحاورة أهل الحق والعقل والفكر والحل للوصول إلى منهج قويم وسلوك طريق مستقيم.
بقلم حمدى أحمد نصر
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف