ما حكم هدي التمتع إذا خرج المتمع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة؟.. الإفتاء تجيب

مع اقتراب موسم الحج، والإقبال على أداء العمرة خلال شهر ذي القعدة أسوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يكثر البحث حول أحكام الحج والعمرة.

وفي هذا الإطار ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، يقول فيه صاحبه، ما حكم هدي التمتع إذا خرج المتمع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة؟ فقد اعتمرتُ في شهر شوال، ثم تحلَّلتُ وعُدتُ إلى مصر، ثم سافرتُ بعد ذلك وأدَّيتُ فريضة الحج؛ فهل يُعدّ ذلك تمتعًا بالعمرة إلى الحج، ويكون عليَّ هدي التمتع؟".

وأجابت دار الإفتاء على السؤال موضحة أنه لا يجب عليك هدي التمتع ما دمتَ قد أديت مناسك العمرة في شهرِ شوال، وتحلَّلت منها، ثم عدت إلى مصر؛ لأنه بعودتك قد انقطع نُسُكُ التمتع في حقك، وبسفرك بعد ذلك إلى مكة المكرمة وأدائك فريضةَ الحج في نفس العام لا تكون متمتعًا.

وأشارت دار الإفتاء إلى أن التَّمَتُّعُ: هو أنْ يُحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو من غيره من المواقيت التي يمر بها أو ممَّا يحاذيها، وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج.

وأوضحت أنه سُمّي بالتمتع؛ لتمتع صاحبه بإحلالِ محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ من العمرة وإحرامه بالحج، وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدِ إلى الميقات ليُحرِمَ بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا؛ كما في "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (2/ 45، ط. المطبعة الكبرى الأميرية)، و"الفواكه الدواني" للعلَّامة النفراوي المالكي (1/ 371، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (3/ 260، ط. مكتبة القاهرة).

وأضافت أن بداية أشهر الحج: غرة شهر شوال المبارك بلا خلاف بين الفقهاء؛ قال الإمام الحطاب في "مواهب الجليل" (3/ 16، ط. دار الفكر): [ولا خلاف أنَّ أوَّل أشهر الحج شوال] اهـ.

وأشارت إلى إذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام على النحو المذكور سابقًا: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء؛ قال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (ص: 68، ط. دار الآثار): [وأجمعوا على أنَّ مَن أَهَلَّ بعمرةٍ في أشهر الحج مِن أهل الآفاق، وقدِم مكة ففَرَغَ منها، فأقام بِها، فَحَجَّ مِن عامِهِ: أنه متمتِّعٌ، وعليه الْهَديُ إذا وجد، وإلا فالصيام] اهـ.

وأكدت أنه يجب عليه حينئذٍ أنْ يُهدي دمًا ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "هدي التمتع"، وإلا فعليه الصيام؛ لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة: 196].

واستشهدت بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ: فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، فَإِنْ رَجَعَ: فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".