اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

هل تصبح تركيا شريكًا رئيسيًا في إعادة تشكيل الأمن الأوروبي؟

أردوغان
أردوغان

مع تزايد الحاجة الأوروبية لتعزيز دفاعاتها وتأمين أوكرانيا في ظل احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية، تبرز تركيا كشريك رئيسي محتمل في إعادة تشكيل الهيكل الأمني للقارة. ورغم الخلافات المستمرة مع الاتحاد الأوروبي، فإن الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة منحت أنقرة فرصة غير مسبوقة لتعزيز علاقاتها مع أوروبا.
تحولات السياسة الأمريكية وقلق أوروبي متزايد
يثير موقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه الحرب في أوكرانيا قلق الدول الأوروبية، خاصة مع توجه واشنطن نحو إنهاء العزلة المفروضة على روسيا وإمكانية التقارب معها. هذا التحول الاستراتيجي يعزز الضغوط على كييف، ويضعف العلاقة بين ضفتي الأطلسي، ما دفع أوروبا للبحث عن بدائل لتعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستقل عن الولايات المتحدة.
تركيا بين التحديات والفرص في المشهد الأمني الأوروبي
في هذا السياق، يرى محللون أن حاجة أوروبا للحفاظ على القدرات العسكرية الأوكرانية، إلى جانب بناء نظام أمني مستقل، فتحت الباب أمام تركيا للعب دور أكثر تأثيرًا. وبحسب سنان أولجن، الدبلوماسي التركي السابق ومدير مركز الدراسات الاقتصادية والسياسات الخارجية، فإن أوروبا التي كانت تستبعد تركيا سابقًا، تدرك الآن أنها لم تعد قادرة على ذلك.
وقد أكد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، بعد لقائه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، أن هناك مقترحًا واضحًا لإشراك تركيا في تحمل "أكبر قدر ممكن من المسؤولية المشتركة" لتحقيق السلام في أوكرانيا وضمان الاستقرار الإقليمي.
تركيا كلاعب رئيسي في التوازن الإقليمي
تمتلك تركيا ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى جانب صناعة دفاعية متنامية تشمل الطائرات بدون طيار والأسلحة المتقدمة، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في المشهد الأمني الأوروبي. وقد بلغت صادراتها الدفاعية 7.1 مليار دولار في عام 2024، وهو ما يعزز دورها كقوة عسكرية مهمة في المنطقة.
من جهة أخرى، نجح إردوغان في الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ما يمنح تركيا ميزة دبلوماسية فريدة تمكنها من لعب دور الوسيط الفاعل في أي تسوية مستقبلية للصراع.
التحديات أمام الاندماج التركي في الأمن الأوروبي
رغم هذه الفرص، لا تزال هناك تحديات تعيق اندماج تركيا الكامل في المنظومة الأمنية الأوروبية، أبرزها الخلافات العالقة بشأن سيادة القانون، والملف الحقوقي، والمنازعات البحرية مع اليونان وقبرص. إضافة إلى ذلك، لا تزال أنقرة تواجه عراقيل في مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يضع قيودًا على مستوى التعاون الاستراتيجي بين الطرفين.
مستقبل الدور التركي في الأمن الأوروبي
يدعو المسؤولون الأتراك إلى إشراك بلادهم في إعادة تشكيل البنية الأمنية الأوروبية بطريقة "مستدامة ورادعة"، مشددين على أهمية التعاون في قضايا مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
ورغم عدم وجود خطط واضحة حتى الآن بشأن الهيكل الأمني الجديد، فإن أنقرة تبدي استعدادها للمشاركة بفعالية في هذه الجهود. وكما أشار مسؤول في وزارة الدفاع التركية، فإن التعاون الأوروبي-التركي في المجال الأمني قد يكون مفتاحًا لتمكين أوروبا من التحول إلى لاعب عالمي أكثر تأثيرًا.
في ظل تصاعد التحديات الأمنية في أوروبا، قد يكون الدور التركي ضروريًا لتعزيز الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، فإن مدى نجاح أنقرة في استثمار هذه الفرصة يعتمد على قدرتها على تجاوز العقبات السياسية وتعزيز الثقة مع الشركاء الأوروبيين، وهو ما سيحدد طبيعة التعاون المستقبلي في إعادة هيكلة الأمن الأوروبي.