15 مارس.. اليوم العالمي لمكافحة رهاب الإسلام الـ«إسلاموفوبيا»

في 15 مارس 2022 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بالإجماع قدمته باكستان بالنيابة عن منظمة التعاون الإسلامي باعتبار يوم 15 مارس اليوم العالمي لمكافحة رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا)، ومن ذلك الوقت يتم الحتفال به في ذلك اليوم من كل عام في 140 دولة حول العالم.
رُهاب الإسلام
رُهاب الإسلام (بالإنجليزية: Islamophobia) هو التحامل والكراهية والخوف من الإسلام أو من المسلمين. وبالأخص عندما يُنظَر للإسلام قوةً جيوسياسية أو مصدرًا «للإرهاب»، دخل المصطلح إلى الاستخدام في اللغة الإنجليزية عام 1997 عندما قامت خلية تفكير بريطانية يسارية التوجه تدعى رنيميد ترست ، باستخدامه لإدانة مشاعر الكراهية والخوف والحكم المسبق الموجهة ضد الإسلام أو المسلمين. برغم استخدام المصطلح على نطاق واسع حالياً، إلا أن المصطلح والمفهوم الأساسي له تعرض لانتقادات شديدة. عرف بعض الباحثون الإسلاموفوبيا بأنها شكل من أشكال العنصرية. آخرون اعتبروها ظاهرة مصاحبة لتزايد عدد المهاجرين المسلمين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وربطها البعض الآخر بأحداث 11 سبتمبر.
أصل التسمية والتعريف
الإسلاموفوبيا كلمة مستحدثة، تتكون من كلمتي إسلام وفوبيا، وهي لاحقة يُقصد بها الخوف أو الرهاب الغير العقلاني من شيء يتجاوز خطره الفعلي المفترض. قاموس أكسفورد الإنجليزي يعرف الإسلاموفوبيا بـ«الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام، كقوة سياسية تحديداً، والتحامل والتمييز ضد المسلمين». عرّف باحث الدين المقارن السويدي ماتياس غارديل المصطلح بأنه «الإنتاج الاجتماعي للخوف والتحامل على الإسلام والمسلمين، بما في ذلك الأفعال الرامية لمهاجمة أو التمييز ضد أو عزل أشخاص بناءاً على افتراضات ارتباطهم بالإسلام أو المسلمين».
شكلت رنيميد ترست عام 1996 لجنة عن المسلمين البريطانيين والإسلاموفوبيا برئاسة غوردون كونواي، نائب مستشار جامعة ساسكس.عنوان تقرير اللجنة كان الإسلاموفوبيا: تحدٍ لنا جميعاً، ونشر من وزير الداخلية السابق جاك سترو. تم تعريف الاسلاموفوبيا وفق التقرير باعتبارها «نظرة إلى العالم تنطوي على كراهية ومخاوف لا أساس لها ضد المسلمين، تؤدي إلى ممارسات تمييزية وإقصائية». وفقاً للتقرير، يشمل ذلك الآراء التي تجادل بأن الإسلام لا يشترك مع الثقافات الأخرى في أي قيمة، أنه أحط وأدنى منزلة من الثقافة الغربية، وينبغي اعتباره قوة سياسية عنيفة وليس مجرد معتقد ديني. تقول رنيميد ترست لا يوجد كيان واحد للأسلاموفوبيا، فهناك «إسلاموفوبيات» ولكل منها خصائص مميزة.
علاقته بالأيديولوجيات
تجادل كورا أليكسا دوفنج، العالمة في مركز دراسات الهولوكوست والأقليات الدينيّة في النرويج، أن هناك تشابهات واضحة بين الخطاب الرهابيّ ضد الإسلام وبين معاداة الساميّة في فترة ما قبل النازيّة في أوروبا. من ضمن المخاوف القائمة تلك المتعلِّقة بالتهديدات التي يتعرَّض لها نمو الأقليات وتهديدات على دور العبادة والتقاليد الدينيّة وشكوك بشأن إمكانية تضمينهم في المجتمع، ومخاوف حول جرائم جنسيّة ومخاوف مبنيّة على شعور بالدونيّة الثقافيّة تاريخيًا، وعداء لقيم التنوير الأوروبيّ الحديث.
يجادل ماتي بونزي أن هناك اختلافات واضحة بين رهاب الإسلام ومعاداة الساميّة. حيث كانت معاداة الساميّة وثيقة الارتباط بعمليات البناء القوميّ الأوروبيّة، فهو يرى رهاب الإسلام كتخوُّف على الحضارة الأوروبيّة كنقطة مركزيّة. وعلى الجانب الآخر ترى دوفنغ أن الخطاب الرهابيّ يشمل عنصرًا قوميًّا على الأقل في النرويج.
وللمزيد من التشابهات والاختلافات بين رهاب الإسلام ومعاداة السامية، يقول سابين شيفر، رئيس معهد المسئوليّة الإعلاميّة في إيرلانجين، مُعرِّفًا رهاب الإسلام بأنه عنصريّة ضد المسلمين. ويشير إلى وجود اصطلاحات متشابهة مثل «تهويد/أسلمة» وتشبيهات مثل «دولة داخل الدولة»، تستخدم للإشارة إلى اليهود والمسلمين. إضافة لذلك يستخدم الخطابان بعض الأدوات الخطابيّة و«أوامر دينيّة» من المفترض أنها مثبتة بالمصادر الدينيّة، ونظريات مؤامرة.
تنشأ الاختلافات بين رهاب الإسلام ومعاداة الساميّة في الخطر على «الغرب المسيحيّ». حيث يُنظر إلى المسلمين بنظرة «دونيّة» و«خطر خارجيّ»، بينما يُنظر إلى اليهود بأنهم ذوو قوة مطلقة و«خطر داخليّ» خفيّ.
يصف «العمل الاجتماعيّ والأقليات: وجهات نظر أوروبيّة Social Work and Minorities: European Perspectives» رهاب الإسلام كنوعٍ جديدٍ من العنصريّة في أوروبا، مجادلًا أن «رهاب الإسلام هو شكل آخر من العنصريّة مثل معاداة الساميّة، وهو مصطلح منتشر في أوروبا كنظير لمصطلحات أخرى مثل العنصريّة والتعصُّب والخوف من الآخر». يعتبر إدوارد سعيد رهاب الإسلام، كما يذكر في الاستشراق، أنه يندرج تحت تقليد أوروبيّ قديم مُعادي للساميّة. بينما يلاحظ آخرون أن هناك انتقال من معاداة الآسيويّين إلى معادة العرب ثم معاداة الإسلام، بينما يقول البعض أنه عنصرة للدين. طبقًا لتقرير عن مؤسسة بريطانيّة معاديّة للعنصريّة، تتحالف جماعة «واجه الجهاد» مع منظمات أخرى في أمريكا وأوروبا، حتى وصل عدد الهيئات المتحالفة إلى 190 مجموعة، يشاركون جميعًا في نشر الخطاب الرهابيّ ضد الإسلام. يكتب إنجريد رامبرغ في «رهاب الإسلام ونتائجه على الشباب» قائلًا: «إن رهاب الإسلام انتهاك لحقوق الإنسان وتهديد للتماسك الاجتماعيّ، سواءً كان في شكل العنصريّة اليوميّة والتمييز أو في أشكال أكثر تطرفًا». كما يسمِّي الأستاذ في جامعة جورج تاون، جون إسبوسيتو رهاب الإسلام بأنه «معاداة الساميّة الجديدة».
وفي استطلاع للمسلمين الأمريكيّين عام 2018، وجد معهد السياسة الاجتماعيّة أن الذين سجلوا نتائج أعلى في مؤشر رهاب الإسلام (أي كانوا أكثر رهبة) كانوا مرتبطين بـ:
موافقة أكبر على استهداف المدنيّين، سواء أكانت مجموعة عسكريّة أو فرديّة
قبول ضمنيّ لتقليل الحريّة الصحفيّة والمؤسسيّة لرقابة هجوم إرهابيّ محتمل
دعم أكبر لما يُطلق عليه «حظر إسلاميّ» ومراقبة المساجد الأمريكيّة (أو منع بنائها من الأساس)
معارضة التعدد الثقافيّ
طبقًا لجبريل مارانشي، ترتبط زيادة حدة رهاب الإسلام في الغرب بارتفاع انتقادات تعدد الثقافات. يستنتج مارانشي أن رهاب الإسلام هو خوف من تعدد الثقافات والتأثير المُربك الذي ربما يُحدثه الإسلام على أوروبا والغرب في العموم خلال العمليات الثقافيّة.