خلاف جمهوري داخلي.. كينيدي متحديا ترامب: لا لترحيل السجناء الأمريكيين ولا لإقالة رئيس الفيدرالي

في موقف نادر ينطوي على تحدٍ داخلي ضمن صفوف الحزب الجمهوري، عبّر السيناتور الأمريكي جون كينيدي عن رفضه الواضح لمقترح الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن إرسال مواطنين أمريكيين ارتكبوا جرائم إلى سجون أجنبية، مؤكداً أن هذه الخطوة تتعارض مع الدستور الأمريكي ومبادئ العدالة الجنائية.
وخلال ظهوره في برنامج Meet the Press على شبكة NBC، قال كينيدي بصراحة: "كلا، لا يمكننا قانونياً فعل ذلك. لدينا قوانيننا الخاصة، والتعديل الثامن في الدستور الأمريكي يحظر العقوبات القاسية وغير العادية". وأضاف: "برأيي، لا ينبغي لنا أن نرسل سجناء إلى دول أجنبية، فذلك يناقض مبادئنا".
ترامب يتبنى "حلولاً غير تقليدية"
التصريح الذي أثار الجدل جاء بعد أيام من مقابلة للرئيس ترامب مع شبكة Fox News، عبّر فيها عن رغبته في ترحيل ما وصفهم بـ"المجرمين المحليين" إلى دول أخرى، قائلاً: "هؤلاء الذين نشأوا هنا وحدث معهم خلل ما... نحن نبحث هذا الخيار وأنا أفضّله".
تصريحات ترامب سلطت الضوء مجدداً على أسلوبه "غير التقليدي" في التعامل مع قضايا القانون والنظام، وهو ما يراه بعض الجمهوريين أمراً يستوجب إعادة النظر، خاصة في حال تعارضه مع المبادئ الدستورية أو السيادة القضائية الأمريكية.
أخطاء إدارية في الترحيل.. قضية أبريجو غارسيا
كلام كينيدي لم يقتصر على المقترح النظري لترامب، بل تطرّق إلى حادثة ترحيل المواطن السلفادوري كيلمار أبريجو غارسيا، الذي أُبعد عن الأراضي الأمريكية عن طريق الخطأ، بعد أن اتُّهم زيفاً بالانتماء لعصابة MS-13. وعلى الرغم من تأكيد محاميه وزوجته براءته، إلا أن إدارة ترامب مضت في ترحيله، مما أثار انتقادات واسعة من المدافعين عن حقوق المهاجرين.
ووصف كينيدي الحادث بأنه "خطأ جسيم"، لكنه عبّر عن ثقته بأن مثل هذه الأخطاء لن تتكرر، وهو ما اعتبره مراقبون تقليلاً من شأن مأساة إنسانية ألقت بظلالها على مصداقية الإدارة السابقة.
الفيدرالي واستقلاليته
وفي ملف اقتصادي شائك، انتقد كينيدي كذلك التصريحات الأخيرة لترامب بحق جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي تضمنت تلميحات برغبة ترامب في إقالته. وقال كينيدي: "لا أعتقد أن من حق أي رئيس إقالة رئيس الفيدرالي. يجب أن يبقى المجلس مستقلاً عن أي تأثير سياسي".
وعلى الرغم من أن ترامب هو من رشح باول عام 2018، إلا أن العلاقة بين الطرفين شهدت توتراً متكرراً، لا سيما في ظل ضغوط ترامب لخفض أسعار الفائدة في فترات سياسية حساسة. وقد أعاد الرئيس جو بايدن ترشيح باول لولاية جديدة في 2022، ما يعزز استقلالية المؤسسة.
وأضاف كينيدي ساخرًا: "يجب على الرئيس وباول أن يجلسا سويًا، يحتسيا كوباً من الكاكاو الساخن، ويجدان طريقة لتسوية خلافاتهما"، في إشارة رمزية إلى أهمية الحوار والاحترام المتبادل بين السلطات التنفيذية والنقدية.
قراءة في المشهد السياسي
موقف كينيدي، وإن كان فرديًا، يعكس بوادر تشققات ضمن الصف الجمهوري بشأن مدى الدعم غير المشروط لترامب. فبينما لا يزال كثير من المشرعين يتفادون انتقاده علنًا، بدأت أصوات أكثر تحفظًا، مثل كينيدي، ترفع شعار "سيادة القانون قبل الولاء السياسي".
هذا التحول، ولو كان بطيئًا، قد يلعب دورًا مهمًا في صياغة المشهد الانتخابي المقبل، خاصة في ظل احتمالية ترشح ترامب مجددًا للبيت الأبيض، حيث سيكون اختبار التوازن بين الكاريزما الشعبوية والالتزام الدستوري في صلب الجدل العام.